(ألبستني لَهُ سوابغ بَأْس ... عَزمَات لم يثنها أضجار)
وَهِي طَوِيلَة وَمَا أوردناه مِنْهَا كَاف فِي الدّلَالَة على حسن انسجامها ومتانة لَفظهَا وَله من قصيدة أُخْرَى مطْلعهَا
(أعرت خدود الغيد من مهجتي جمرا ... وعلقن فِي الأجياد من مدمعي درا)
(ومعرك حَرْب فِي فُؤَادِي أثاره ... من الشوق جَيش لَا يُحِيط بِهِ خَبرا)
(على هدف الأحشاء وَقع سهامه ... يفوّقها للقلب فتاكة عذرا)
(وَقَالُوا تصبر قلت شَيْء جهلته ... وَكَيف يُطيق الصَّبْر من يجهل الصبرا)
(خليليّ عوجا بَارك الله فيكما ... وحثا المطايا واقصدا الرند والسدرا)
(فلي فِيهِ خود بالصدود تسربلت ... وَقد تخذت سمر الرماح لَهَا خدرا)
(ربيبة ألوت بعزم تجلدي ... وأذكت على الأحشاء من نأيها جمرا)
(أَبى الْقلب إِلَّا أَن يكون بهَا مغرى ... ومذ أيقنت سوق العدا أخذت حذرا)
(وَكم حذرتني فِي هَواهَا عواذلي ... وَلَا أَحسب التحذير إِلَّا بهَا أغرا)
(أَلا أَيهَا الْقلب الَّذِي لج فِي الْهوى ... إلام الوفا والغيد أزمعت الغدرا)
(وهذي دواعي الشيب تَدْعُو إِلَى الْهدى ... وَقد زجرتني عَن دواعي الصِّبَا زجرا)
(وَقد شَاب كَبِدِي قبل رَأْسِي ولمتي ... فحتام قلبِي لَا يفِيق بهم سكرا)
(وَمَا كَانَ شيبي من تطاول أزمني ... ولكنني لاقيت من دهري النكرا)
أَخذ هَذَا من قَول بَعضهم
(وَمَا شَاب رَأْسِي من سِنِين تَتَابَعَت ... عليّ وَلَكِن شيبتني الوقائع)
وَمن جيد شعره قَوْله
(وَحقّ الْهوى إِن الْهوى فِيك لم يزل ... لنا قسما لَا حنث فِيهِ عَظِيما)
(لقد هجت بالألطاف لي مِنْك لوعة ... وجدّدت وجدا فِي الْفُؤَاد قَدِيما)
(ومزقت صبرا كنت قدماً تخذته ... ظهيراً بِهِ ألْقى الْهوى ورحيما)
(فَأَصْبَحت فِيك الْآن لَا أملك الجوى ... وَلَا أرتضي إِلَّا هَوَاك نديما)
وَكَانَ بَينه وَبَين مُحَمَّد الصَّالِحِي الملقب أَمِين الدّين الْآتِي ذكره مَوَدَّة أكيدة واجتماع كثير ثمَّ انْقَطع أَمِين الدّين عَنهُ فسير إِلَيْهِ يعتبه لانقطاعه عَنهُ قَوْله
(طَالَتْ الأشواق وازداد العنا ... وَتَمَادَى الْبَين فِيمَا بَيْننَا)
(فامنحوا الْقرب محباً مخلصاً ... فَلَعَلَّ الْقرب يشفي مَا سنا)