فَعِنْدَ ذَلِك أَعْطَتْ للسُّلْطَان مائَة ألف قِرْش وللوزير خمسين ألفا وللحافظ مثلهَا وانفصل الْأَمر على ذَلِك ثمَّ تولى كَفَالَة آمد فَقدر وَالله عز وَجل أَن كفلاء بَغْدَاد تجاوزوا فِي الظُّلم وَتَوَلَّى يُوسُف باشا بَغْدَاد وَكَانَ وزيراً شهماً فظلم وَكَانَ بكر أحد أجناد بَغْدَاد استطال على الْعَسْكَر لِكَثْرَة أَتْبَاعه وأمواله فَوَقع بَينه وَبَين الْوَزير الْمَذْكُور وَأَرَادَ الْوَزير قَتله فحاصر بكر بمعونة أَكثر عَسَاكِر بَغْدَاد قلعة بَغْدَاد وفيهَا الْوَزير فَكَانَ ينظر من أسوارها فَضربت مكحلة من جَانب عَسْكَر بكر فأصابت الْوَزير فَقتلته وَاسْتولى بكر على بَغْدَاد وَجعل نَفسه بيد حاكمها وَبعث الْأَمْوَال وَالْعرُوض والمحاضر إِلَى دَار السلطنة ليتولى على بَغْدَاد فَمَا أُجِيب إِلَى ذَلِك ثمَّ فِي خلال ذَلِك كتب الْحَافِظ أبياتاً بالتركية تَتَضَمَّن الْخطاب للسُّلْطَان أَحْمد أَنه مَا بَقِي عنْدكُمْ عَسْكَر وَلَا رجال وَلَا أَمْوَال حَتَّى تعينُوا سرداراً على بَغْدَاد وَكَانَ مُرَاده التَّوَصُّل إِلَى الوزارة الْعُظْمَى وَكَانَ عِنْده مَمْلُوك جميل اسْمه دلاور فَبعث إِلَيْهِ السُّلْطَان قصيدة تركية يَقُول لَهُ فِيهَا مَا بَقِي عنْدك دلاور بمعان مُتعَدِّدَة ثمَّ بعد ذَلِك جعله السُّلْطَان سرداراً على بَغْدَاد وَأمر عدَّة أُمَرَاء أَن يَكُونُوا تبعا لَهُ وَجَمِيع الأكراد لَكِن مَا جعله وزيراً أعظم فَلَمَّا سمع ذَلِك بكر كتب لشاه عَبَّاس مَكْتُوبًا يَقُول لَهُ أسلمك بَغْدَاد بِشَرْط أَن تكون الْخطْبَة وَالسِّكَّة بِاسْمِك فَقَط فَرضِي الشاه بذلك فَقيل لَهُ أَنْت سني وَهَذَا شيعي كَيفَ تحكم الشِّيعَة فِي السّنيَّة فَقَالَ أَنا أكذب على الشاه إِذا رَجَعَ الْحَافِظ لَا أطمع بني عُثْمَان وَلَا الشاه فجَاء الْحَافِظ وحاصر بَغْدَاد وَقدر الله تَعَالَى أَن بَغْدَاد كَانَت فِي غَايَة الْقَحْط فَتحمل بكر المضض وَاسْتمرّ الْحَافِظ على المحاصرة حَتَّى سمع بِقرب الشاه مِنْهُ وَبَقِي بَينه وَبَين الشاه أَرْبَعَة أَيَّام فَكتب الْحَافِظ أَمر الْبكر أَنِّي جعلتك حَاكم بَغْدَاد ثمَّ تحول الْحَافِظ لعلمه بِكَثْرَة عَسَاكِر الشاه وَعدم استطاعته وتحول الْحَافِظ إِلَى ديار بكر وحاصر الشاه بَغْدَاد فضاقت الْمَعيشَة بعساكر بَغْدَاد ووصلوا إِلَى أَنهم كَانُوا يَأْكُلُون الْآدَمِيّين وَكَانَ بكر جعل على كل بَاب بِبَغْدَاد رجلا من أكَابِر أَقَاربه وَسلم القلعة لِابْنِهِ مُحَمَّد عَليّ فَلَمَّا رأى مُحَمَّد على أَن الْأُمُور صائرة إِلَى الْهَلَاك سمح بِهَلَاك وَالِده لنجاة نَفسه فَبعث للشاه ورقة التَّسْلِيم وَأدْخل لَيْلًا للقلعة عَسَاكِر الشاه وَلما كَانَ وَقت الصَّباح إِذا بطبول الشاه تضرب فِي القلعة فَانْقَطَعت قُلُوب أهل السّنة من الْخَوْف وامتلأت قُلُوب الشِّيعَة من الْفَرح وَالسُّرُور فَدخل الشاه صباحاً وَقتل بكر شَرّ قتلة وَوضع أَخا بكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015