وَمَا هُوَ فِيهِ من الْفَاقَة والمسكنه فَقَالَ اذا نزروه فى مَكَانَهُ ونسعى بعد ذَلِك فى فكه من قَيده وهوانه قَالَ ثمَّ جاءنى بعيد الْعَصْر وَمَا عندى بلغه وَلَا أجد فى الجراب وَلَا مُضْغَة فَمَا اسْتَقر بِهِ الْجُلُوس الا وَذَلِكَ الْجَار حبانى بِجَمِيعِ مَا عِنْده من خدام الدَّار وابتدأ خدمه فى الخدمه وجلب مَا يلْزم من المشروبات بِكَمَال الادب والحرمه ثمَّ بعد هنيئة جَاءَ بسفرة وآلات الطَّعَام مِمَّا لَا يُوجد فِيمَا أَحْسبهُ الا عِنْد الوزراء الْعِظَام وَجَاء بنفائس من الاطعمه وَالْجَار يُبَالغ فى التَّعْظِيم وفى التكرمه حَتَّى أكل الطَّعَام وَاسْتوْفى بعده المشروب والمشموم رَأَيْت الرجل الذى جَاءَ بِهِ صاحبى نَهَضَ وَهُوَ مغموم فَتَبِعَهُ صاحبى الى الدَّار وَعَاد لَا يُدِير لحظا من شدَّة الافكار فَقلت لَهُ مَا الذى عرَاك وَمن برد نشاطك الذى كَانَ عرَاك فَقَالَ أَمر عَجِيب وحادث غَرِيب وَهُوَ أَن الرجل غضب لما وَقع وَقَالَ أَنا أسمع عَن الامير السَّفه وانه فِيهِ طبع مُتبع فَلَمَّا رَأَيْت مَا رَأَيْت تحققت مَا سَمِعت وَمَا ماريت وَهَذَا الرجل لَو وَجه اليه أعظم منصب فى مملكة آل عُثْمَان لَا يفى بمصرفه وَلَا يحصل لَهُ مِنْهُ الا الخسران قَالَ فَحَلَفت لَهُ بِاللَّه ان الذى رَأَيْته من نعْمَة جَاره الذى وافاه فَلم يصدق وآلى لَا عَاد مرّة أُخْرَى وَلَا يسْعَى فِيمَا يخجله عِنْد الدولة وانه بالسلامة أَحْرَى انْتهى وَمِمَّا اتّفق لَهُ أَنه كَانَ اشار اليه الْعَلامَة يُوسُف الفتحى الامام السلطانى بنظم قصيدة فى مدح السُّلْطَان ابراهيم لتَكون وَسِيلَة الى شئ من الامانى فنظم قصيدته الميمية الَّتِى أَولهَا

(لَو كنت اطمع بالمنام توهما ... لسألت طيفك ان يزور تكرما)

فبيضها لَهُ الْمولى عبد الرَّحْمَن بن الحسام بِخَطِّهِ المدهش وترجمها بالتركية على الْهَامِش وَكَانَ الفتحى عرف بِهِ السُّلْطَان فَدخل لاعطاء القصيدة ثمَّ وقف وتناولها الفتحى وَقرأَهَا وَحصل من السُّلْطَان الْتِفَات وَقبُول لَكِن القصيدة لم تسفر عَن شئ من الْمَوَاهِب وَلَا قوبلت بمطلب من المطالب نعم دخل الامير بشيرا وَخرج بشيراً وَكَانَ مَعَه دِينَار أعطَاهُ للَّذي أخبرهُ بحصو الْإِذْن للدخول مبشراً وَهَكَذَا الدَّهْر أَبُو الْعجب وعناده مُوكل بِأَهْل الادب وَاتفقَ لَهُ فى أَوَاخِر مقَامه بالروم رُؤْيا صَالِحَة حَسَنَة عَجِيبَة وواقعة فالحة مستحسنة غَرِيبَة وَقد سدت عَلَيْهِ جَمِيع الابواب وَبَات الْقلب مِنْهُ فى اضْطِرَاب وَذَلِكَ أَنه رأى رجلا فى سِيمَا الصّلاح يتوسم فِيهِ الْفَلاح وَهُوَ وَاقِف بوادى ينشد وينادى كانه حادى قصيدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015