بَين فضيلتى الاقلام والبواتر كَمَا جمعت خلاله بَين أهواء الْقُلُوب وأريب بِكُل مدح قمين وأديب لَهُ الْفضل ترب والسماح قرين وحسيب من قوم تهدى لَهُم تحف الاشعار وتزف لديهم أبكار الافكار
(وَمَا دب الا فى بُيُوتهم الندى ... وَلَا رب الا فى حجورهم الْحَرْب)
(وَمَا كَانَ بَين الهضب فرق وَبينهمْ ... سوى انهم زَالُوا وَلم يزل الهضب)
(أولاك بَنو الاحساب لَوْلَا فعالهم ... درجن فَلم يُوجد لمكرمة عقب)
وَله من الْكَلَام مَا يَنُوب عَن المدام قلت وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مَذْكُور بِكُل لِسَان وممدوح لكل انسان نَشأ فى أَيَّام أَبِيه متفيأ ظلال نعمه مَبْسُوط الرَّاحَة بهمائه وَكَرمه وشغف من حِين نشأته بِالطَّلَبِ وَصرف نقد عمره عل تَحْصِيل الادب وَقَرَأَ على مَشَايِخ عِظَام وانتظم فى سلك الْفُضَلَاء أى انتظام وَمن مشايخه الَّذين قَرَأَ عَلَيْهِم وَجَثَا زَمنا على رُكْبَتَيْهِ بَين يديهم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن العمادى وأخذا لحَدِيث عَن الشهَاب أَحْمد الوفائى وأبى الْعَبَّاس المقرى والادب عَن أَحْمد بن شاهين ووهب الله تَعَالَى الذكاء وَقُوَّة الحافظة وَحسن التخيل والاداء وَكَانَ فَصبح اللهجة فسيح ميدان المحادثة كثير المحفوظات جيد المناسبات كريم الطيع خلوقا متواضعا وعَلى كل حَال فَهُوَ كَمَا قيل
(مَا فِيهِ لَو وَلَا لَيْت تنقصه ... وانما أَدْرَكته حِرْفَة الادب)
وَلما مَاتَ وَالِده فى التَّارِيخ الذى ذكرته فى تَرْجَمته تقلبت بِهِ الاحوال وفجأته طوارق الاهوال ونفق مَا وَرثهُ عَن وَالِده وأحرزه من طريفه وتالده وَذَلِكَ لمبالغته فى الْبَذْل والسرف ومباشرة الاوقاف الَّتِى بِيَدِهِ بالاجارات الطَّوِيلَة وَالسَّلَف ثمَّ انزوى مُدَّة فى دَاره وَلزِمَ الْوحدَة بِاخْتِيَارِهِ الى أَن أنف من الاقامة ففوض عَن الشَّام خيامه وَهَاجَر الى الديار الرومية وَأقَام بهَا مؤملا ادراك مَاله من الامنيه والدهر يعده ويمنيه ويذيقه الْغصَص فى ضمن تأبيه وَلَقَد قاسى فى الغربه من الْمَشَقَّة المبرحة والكربه وعناد الدَّهْر فى الْمَقَاصِد والتعنى فى المصادر والموارد مَا لَا أَحسب أحدا قاصاه وَلَا لقى أحد من أغذياء النعم أدناه وَلَقَد سمعته مرّة يحْكى أَنه كَانَ لَهُ جَار فى الرّوم مَعْدُود من أَرْبَاب الوجاهة القروم وَله حفدة وَدَار عظيمه وثروة بَين أقرانه جسيمه لم يتَّفق انه زَارَهُ وَلَا حَيا مزاره وَكَانَ بعض أصدقاء الامير يصاحب رجلا من المقربين الى السلطنة وَذكر لَهُ أمره