قَالَ وَلما كنت مَعَه فى بروسه وَجَاء زمن الْورْد أنشدنى لنَفسِهِ
(عصر ورد عش بالرحيق الصفوق ... دم فان الصبوح مثل الغبوق)
(أَنْت بِالْفَتْح والدلال أنيس ... ولى الْخمر كالصديق الصدوق)
وَانْتَحَلَ على أَن أنظم من هَذِه القافية قصيدة فَقلت
(قُم الى الرَّوْض واغن بالراووق ... من سلاف قد راق فى الابربق)
(فى ربيع وأعين الْورْد تبدو ... بَين غمض الزهور والمستفيق)
(واجتل الكاس فى الرياض عروسا ... تشف بِالرَّاحِ من لهيب الرَّحِيق)
(هى رَاح وراحة وشفاء ... بل وبرء لكل قلب خفوق)
(قد صفت فى الزّجاج عَن التصافى ... فهى أهل الصَّفَا لصب مشوق)
(طَابَ وَقت الرّبيع فاغتنم الصفو وبادر اليه نَحْو الرفيق ... )
(طيب عَيْش اللبيب بالذوق والانس وخل مُوَافق ورحيق ... )
(والمليح الذى اذا مَاس عجبا ... وانثنى قد سبا بخصر رَقِيق)
(يسلب الْعقل والفؤاد بِوَجْه ... وبطرف ومبسم وبريق)
(ان تدر كاسه ترى الْقَوْم صرعى ... من مدام حبابه فى بريق)
(قُم وبادر فالروض فى طالع السعد وَمن أفق روضه فى شروق ... )
(حركته على الغصون شمال ... فَهُوَ نشوان فَوق غُصْن وريق)
(حَار عقل اللبيب فى سَاعَة الْبسط وَقد دَار كأس خمر عَتيق ... )
(بَين ورد وجنة ومدام ... وانحدار الْمِيَاه بالتصفيق)
(اتما الْعُمر عيشة الْمَرْء فى الصفو بروض البها وَحسن الصّديق ... )
(حَيْثُمَا السكر من دنان الحميا ... نشأة الصب فى منى والعقيق)
وَذكره والدى رَحمَه الله تَعَالَى وَأطَال فى وَصفه الى أَن قَالَ وَقد تشرفت بِهِ فى سفرتى الثَّانِيَة الى الرّوم سنة ثَلَاث وَسبعين وَألف فرأيته منعما بهَا وَقد دارت رحى رجانه على قطبها وذكرنى بأَشْيَاء كنت نسيتهَا الطول الْغَيْبَة بل تناسيتها وَقد صدئت مرْآة فهمى لطول الْمدَّة عَن حَضرته وتكدر مَاء خاطرى لبعد الْعَهْد عَن خدمته
(فان الصارم الصمصام ينبو ... شباه لطول عهد بالصقال)
ورأيته لم يتَغَيَّر عَن معاملتى فى الْحَقِيقَة وَهَذَا خلاف مشربه الْمَشْهُور عِنْد الْخَلِيفَة وتقيد بأحوالى وَهُوَ فى صدارة الرّوم على حسب مَا أمكنه عِنْد السَّادة القروم