وَقد شمت من كرمه بارق سَحَاب وحصلت من وَعوده على أخصب جناب وَمن زرع خيرا حصد جَزَاء فحالت غيوم سوء الْحَظ بَين طرفى المنى والاحسان فَلم يساعد على الامنية الْمَقْصُودَة الزَّمَان وكتبت اليه فى تِلْكَ الايام قصائد ورسائل وفصولا هى لشرح حالى رسائل قلت وَقد أورد مِنْهَا فى تَرْجَمته وفى رحلته الثَّانِيَة أَشْيَاء كَثِيرَة قَالَ وَلم يزل على الظّرْف والصلف الى أَن جاور من مضى من السّلف وفاجأته الْمنية وناوله ساقى الْحمام كأس الْمنون لَا كأس المدام وَذَلِكَ فى ثانى عشر صفر قريب وَقت السحر سنة سِتّ وَسبعين وَألف وَدفن بِبَاب أدرنه من أَبْوَاب قسطنطينية وَلم يخلف ولدا وَلَقَد فجعت الرّوم مِنْهُ بفاضل نجيب وكامل لَبِيب وَسَهْم الرزايا بالنفائس مولع انْتهى

مُحَمَّد بن الْقَاسِم الملقب شمس الدّين بن المنقار الحلبى ثمَّ الدمشقى الحنفى الْعَالم البارع المناظر القوى الساعد فى الْفُنُون كَانَ من أَعْيَان الْعلمَاء الْكِبَار ذكره الخفاجى فَقَالَ فى حَقه صدر من صُدُور دهره مخلط مزيل سَابق فى حلبة عصره روض تجاذبت الاخبار اذيال فضائله واهتزت أَغْصَان الربى اذا حدث النسيم عَن شمايله تزينت بتاج ذكره هام الايام وتاهت بِهِ على سَائِر الْبلدَانِ بقاع الشَّام صدحت ورق فَصَاحَته فى ناديها وسارت محاسنه رائحها وغاديها وأثمرت أَقْلَام الْفَتْوَى بشمس آفَاق لَهُ ارْتَفَعت فيا لَهَا من أَغْصَان أثمرت من بعد مَا قطعت وَنور فَضله بادى لكل حَاضر وبادى

(كَالشَّمْسِ فى كبد السَّمَاء وضوءها ... يغشى الْبِلَاد مشارقا ومغاربا)

قَوْله مخلط مزيل يضْرب للذى يخالط الامور ويزايلها ثِقَة بِعِلْمِهِ واهتدائه اليها انْتهى قَالَ النَّجْم فى تَرْجَمته ولد بحلب وَنَشَأ بهَا ولازم لرضى بن الحنبلى وَغَيره ثمَّ وصل الى دمشق فى سنة احدى وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وتدبرها ورافق الشَّيْخ اسمعيل النابلسى والعماد الحنفى والمنلا أَسد وطبقتهم فى الِاشْتِغَال على الْعَلَاء بن الْعِمَاد وَالشَّيْخ أَبى الْفَتْح الشبشيرى وَغَيرهمَا وَحضر دروس شيخ الاسلام الْوَالِد وَرَأَيْت فى بعض مجاميع الطارانى انه درس بعدة مدارس وَمَات عَن تدريس القصاعية والوعظ بالعمارتين السليمانية والسليمية والبقعة بالجامع الأموى وَغير ذَلِك من الْجِهَات والحوالى وَأفْتى على مَذْهَب الامام أَبى حنيفَة وَكَانَ يدرس فى البيضاوى وَأخذ عَنهُ جمع كثير مِنْهُم التَّاج الْقطَّان وَالْحسن البورينى وَالشَّمْس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015