وعانده الزَّمَان مُدَّة وانخفض حَتَّى ولى قَضَاء أَيُّوب وازمير ورق حَاله وَركبهُ دين عَظِيم وَلما ولى الْبَهَاء الْفتيا تقيد بتنميته فصيره قَاضِيا بقسطنطينية عشرَة أَيَّام وَنَقله الى قَضَاء سلانيك وفى أثْنَاء الطَّرِيق ضرب بعض خُدَّامه من غير عمد فَمَاتَ الْخَادِم وَحصل من سلانيك مَالا جزيلا وَقدم فبقى معزولا مُدَّة طَوِيلَة حَتَّى أقبل عَلَيْهِ الْوَزير الاعظم مُحَمَّد باشا الكوبرى فَجعله قاضى الْعَسْكَر باناطولى وروم ايلى وتكرر لَهُ قَضَاء روم ايلى ثَانِيًا وَكَانَ شهما على الْقدر صلفا لحسن المنادمة وَكَانَ ظرفاء الرّوم يتنافسون فى حُضُور مَجْلِسه ويتفاخرون فى مكالمته وَكَانَ أديبا باهر الطَّرِيقَة وَقد ذكره الفيومى فى كِتَابه فَقَالَ فِيهِ لَهُ أدب كزهر الرياض وَشعر كَمَاء حلا وعذب فى الْحِيَاض فَهُوَ كمامة الزهر بل نادرة الدَّهْر تشرفت بِهِ وربطت سببى بِسَبَبِهِ فشنف سمعى وبعشرته رق طبعى فكم تلقيت من فِيهِ مَا هُوَ نَزعَة النبيه وَكم تلقفت مِنْهُ زهر الْآدَاب النديه وَبَيَان الصاحة الادبية فَمن درره الزاهره وأشعاره الباهية الباهره هَذِه المقاطيع
(أَهلا بِمن فاق السماك مخجلا ... شمس الضُّحَى فى رفْعَة وسناء)
(فَكَانَ لى فَوق الثريا منزلا ... علقت بسدته حبال رجائى)
وَقَوله فى صدر مُكَاتبَة
(يَا سراج التقى وَبدر المعالى ... دم منيرا وهاديا للعباد)
(كنت من قبل ألثم الْيَد بالاجلال والآن نَالَ ذَاك مدادى ... )
وَكتب الى شيخ الاسلام أَبى السُّعُود فى صدر كتاب وَهُوَ
(لَا زلت فى فلك السَّعَادَة ساطعا ... أَنْت الكفى بحاجتى وحسيبى)
(أملت حظوة نظرة من أجلهَا ... أشغلت ساحتكم ببسط كروبى قَالَ وَلما قَرَأت عَلَيْهِ فى تَارِيخ ابْن خلكان قَول ابْن عبد ربه
(نعق الْغُرَاب فَقلت اكذب طَائِر ... ان لم يصدقهُ رُغَاء بعير)
أنشدنى لنَفسِهِ
(ورد النسيم فَقلت اصدق قَائِل ... اذ كَانَ من ألم الغرام خَبِيرا)
وَبعث رقْعَة الى وَاحِد الدُّنْيَا الشَّيْخ مُحَمَّد الْمَعْرُوف بعزتى وفى صدرها
(يومكم نصفة تقضى بنوم الْعِزّ وَالنّصف مِنْهُ للقرناء ... )
(طالع الدَّرْس بعد كل عشَاء ... فالليالى تعد للاحياء)