(لَا تسلم من شكا الزَّمَان وان لم ... تشف شكواه عِلّة المجهود)
(انما يحوج الْكِرَام لشكوى ... شوق مَا فى طباعهم من جود)
وَله غير ذَلِك وَكَانَت وَفَاته فى سنة خمس وَثَمَانِينَ وَألف والبيلونى تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ فى تَرْجَمَة وَالِده
الامير مُحَمَّد بن فروخ أَمِير الْحَاج الشامى النابلسى المولد أحد شجعان الدُّنْيَا الْمَشْهُورين وكرماها الْمَذْكُورين كَانَ من أمره انه لما رَحل أَبوهُ بِالْحَجِّ وَهُوَ أَمِير فى سنة مَوته وهى سنة ثَلَاثِينَ وَألف ترك ابْنه مُحَمَّد هَذَا فى نابلس مُبْعدًا عَنهُ لنفرة كَانَت بَينهمَا وفوض أَمر حُكُومَة الْقُدس ونابلس لممولك لَهُ يدعى يُوسُف وَكَانَ يُحِبهُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بعض أَتبَاع أَبِيه بقتل يُوسُف فى غيبَة وَالِده فَقتله وَقَامَ مقامة فَوَقع خَوفه فى قُلُوب أهالى تِلْكَ الْبِلَاد وهابوه وَاتفقَ موت وَالِده فسافر الى الرّوم وَاجْتمعَ بالوزير الاعظم مره حُسَيْن باشا وَكَانَ بَينه وَبَين وَالِده حُقُوق قديمَة فولاه امارة الْحَاج وَقدم الى دمشق وَسَار الحجيج فى سنة احدى وَثَلَاثِينَ وأرهب العربات وَكبر صيته واشتهر خَبره وبقى فى الامارة مُدَّة ثانى عشرَة سنة وشهرته تتضاعف وأخباره تتزايد وَبَلغت رهبته فى قُلُوب العربان الى انهم كَانُوا اذا أَرَادوا يخوفون أحدا مِنْهُم يَقُولُونَ هَا ابْن فروخ أقبل فَتَاوَى قوائمه والى ذَلِك أَشَارَ فتح الله بن النّحاس فى قصيدته الْمَشْهُورَة الَّتِى مدحه بهَا بقوله
(واذا قيل ابْن فروخ أَتَى ... سقطوا لَو أَن ذَاك القَوْل مزح)
هَذِه القصيد // من أحسن محَاسِن الشّعْر وأعذبه // ومطلعها
(بَات ساجى الطّرف والشوق يلح ... والدجا إِن يمض جنح يَأْتِ جنح)
وغزلها مَشْهُور متداول فلذها تركته وَأما مديحها فَمِنْهُ قَوْله فى وَصفه
(بَطل لَو شَاءَ تمزيق الدجا ... لأتاه من عَمُود الصُّبْح رمح)
(كم سطور بالقنا يَكْتُبهَا ... وسطور بِلِسَان السَّيْف يمحو)
(بأبى أفدى أميرى انه ... صَادِق الطعْن جرئ الْقلب سمح)
(كلما قد قيل فى تَرْجِيحه ... فى الندى أَو فى الوغى فَهُوَ الاصح)
(يَا عروس الْخَيل وَالسيف لَهُ ... فى قراع الْخَيل والابطال صدح)
(يَا رحاة الْخَيل وَالْخَيْل لَهَا ... فى حِيَاض الْمَوْت بالغرسان سبح)
(حط سيف الْجُود فى حظى الذى ... هُوَ كالدهر يمسنى ويضح)