وَترك أكباد أعدائه دامية الْجراح وَمَتى احتبى مُفِيدا فى صدر نَادِيه وجثت بَين يَدَيْهِ طلاب فَوَائده وأياديه رَأَيْت دأ مَاء الْعلم تقذف دُرَر المعارف غواربه وقمر الْفضل اشرقت بضياء عوارفه مشارقه ومغاربه فَيمْلَأ أصداف الاسماع درا فاخرا ويبهر الابصار والبصائر محَاسِن ومفاخرا وَأما الادب فَعَلَيهِ مَدَاره واليه ايراده واصداره ينشر مِنْهُ مَا هُوَ أذكى من النشر فى خلال النواسم بل أحلى من الظُّلم يترقرق فى ثنايا المباسم وَمَا الدّرّ النظيم الا مَا انتظم من جَوَاهِر كَلَامه وَلَا السحر الْعَظِيم الا مَا نفثت سواحر أقلامه وَأقسم انى لم أسمع بعد شعر مهيار والرضى أحسن من شعره الْمشرق الوضى ان ذكر الانسجام فَهُوَ غيثه الصيب أَو السهولة فَهُوَ نهجها الذى تنكبه أَبُو الطّيب ثمَّ قَالَ وَله على من الْحُقُوق الْوَاجِبَة شكرها مَا يفل شبايراعتى وبراعتى ذكرهَا وَهُوَ شيخى الذى أخذت عَنهُ فى بَدْء حالى وأنضيت الى مَوَائِد فَوَائده بعملات رحالى واشتغلت عَلَيْهِ فاشتغل بى وَكَانَ دأبه تَهْذِيب أدبى ووهبنى من فَضله مَالا يضيع وحنا على حنو الظِّئْر على الرَّضِيع ففرش لى حجر علومه وألقمنى ندى معلومه حَتَّى شحذ من طبعى مرهفا وبرى من نبعى مثقفا فَمَا يسح بِهِ قلمى فَهُوَ من فيض بحاره وَمَا ينْفخ بِهِ كلمى انما هُوَ من نسيم اسحاره وَأما خبر ظُهُوره من الشَّام وَخُرُوجه وتنقله فى الْبِلَاد تنقل الْقَمَر فى بروجه فانه هَاجر الى الديار العجمية بعدا بدار هلاله وانسجام وسمى فَضله وانهلاله فَأَقَامَ بهَا بُرْهَة من الدَّهْر مَحْمُود السّير والسريرة فى السِّرّ والجهر عاكف على بَث الْعلم ونشره مؤرجا الارجاء بطيبه ونشره وَلما تلت الالسن سور أَوْصَافه واجتلت الاسماع صور اتسامه بِالْفَضْلِ واتصافه استدعاه أعظم وزراء مَوْلَانَا السُّلْطَان يُرِيد بِهِ سُلْطَان الْهِنْد الى حَضرته وأحله من كنفه فى بهجة الْعَيْش ونضرته ثمَّ رغب الْوَالِد فى انحيازه الى جنابه فاتصل بِهِ اتِّصَال المحبوب بعد اجتنابه فَأقبل عَلَيْهِ اقبال الوامق الْوَدُود وَأكله بسرادق جاهه الْمَمْدُود فانتظم فى سلك ندمائه وطلع عُطَارِد فى نُجُوم سمائه حَتَّى قصد الْحَج فحج وَقضى من مَنَاسِكه العج والثج وَأقَام بِمَكَّة سنتَيْن ثمَّ عَاد فَاسْتَقْبلهُ ثَانِيًا بالاسعاف والاسعاد وَكنت قد رَأَيْته حَال عوده ببندر المخا ثمَّ رَأَيْته بِحَضْرَة الْوَالِد وَبَينهمَا من الْمَوَدَّة مَا يربى على الاخا فَأمرنَا بالاشتغال عَلَيْهِ والاكتساب مِمَّا لَدَيْهِ فَقَرَأت عَلَيْهِ الْفِقْه والنحو وَالْبَيَان والحساب وتخرجت عَلَيْهِ فى النّظم والنثر وفنون الْآدَاب وَمَا زَالَ يشنف أذنى بفرائده ويملأ اردانى بفوائده حَتَّى