فَاجْتمع النَّاس من كل مَكَان وَقَرَأَ من تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة من صَحِيح البخارى فى حَدِيث الشَّفَاعَة الْعَامَّة وَلما اتم الدَّرْس شرع فى الدُّعَاء وَكَانَ يَقُول يَا عباد الله أوصيكم بتقوى الله والاكثار من قَول لَا اله الا الله ويكرر ذَلِك مرَارًا وَيَقُول أَكْثرُوا من ذَلِك حد الاكثار وَأَنا لَا أُرِيد مِنْكُم أَن تشهدوا لى بِفضل وَلَا علم وَلَا جاه سوى انى كنت أَقُول لَا اله الا الله وانى كنت أذكركم بهَا ثمَّ لما ختم الدُّعَاء ودع الْحَاضِرين بعبارات مرموزه وَذهب الى بَيته وَاسْتمرّ عشرَة أَيَّام فى عبَادَة وتسبيح وتهليل حَتَّى مَاتَ ورثاه جمَاعَة مِنْهُم الشَّيْخ الامام مُحَمَّد بن على المكتبى الآتى قَرِيبا فانه رثاه بقصيدة طَوِيلَة أَولهَا
(قفا يَا صاحبى على الرسوم ... نسائلها عَن الْعَهْد الْقَدِيم)
(وَمَا فعلت أيادى الْخطب فِيهَا ... مَعَ الاهوال والزمن الغشوم)
(ونوحا وابكيا مولى جَلِيلًا ... امام الْعَصْر فى كل الْعُلُوم)
(عَلَاء الدّين حَلَال القضايا ... وحيد الدَّهْر ذَا الرأى السَّلِيم)
(دَعَاهُ الله حَلَال القضايا ... مُطيعًا مسرعا نَحْو الرَّحِيم)
(فوا أسفى عَلَيْهِ مدى حياتى ... وَلست على التأسف بالملوم)
(وَلَوْلَا ان دمعى من حماء ... سقيت سراه كالغيث العميم)
مُحَمَّد بن على بن مَحْمُود بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن ابراهيم الشامى العاملى الشهير بالحشرى الاديب الشَّاعِر البليغ الوحيد فى مقاصده الْبعيد الْغَايَة فى ميدانه ذكره السَّيِّد على بن مَعْصُوم فى السلافة واستوعب ذكر فضائله فأغنانى عَن شرح أَحْوَاله حَيْثُ قَالَ الْبَحْر الغطمطم الزخار والبدر الْمشرق فى سَمَاء الْمجد بسناء الافتخار الْهمام الْبعيد الهمة المجلوة بأنوار علومه ظلم الْجَهْل المدلهمه اللابس من مطارف الْكَمَال أطرف حلّه وَالْحَال من منَازِل الْجلَال فى أشرف حلّه فضل تغلغل فى شعاب الْعلم زلاله وتسلسل حَدِيث قديمه فطاب لراويه عذبه وسلساله وفحل رقى من أوج الشّرف أبعد مراقيه وَحل من شخص المعالى بَين جوانحه وتراقيه شاد مدارس الْعُلُوم بعد دروسها وَسَقَى بصيب فَضله حدائق غروسها وأنعش جدودها من عثارها وَأخذ من احزاب الْجَهْل بثارها ففوائده فى سَمَاء الافادة أقمار ونجوم وشهب لشياطين الانس وَالْجِنّ رجوم ان نطق صفد الْمعَانى عَن أُمَم وأسمعت كَلِمَاته من بِهِ صمم وان كتب كبت الْحَاسِد عَن كثب فجَاء بِمَا شَاءَ على الاقتراح