وانتفعت بِهِ وَكَانَ فى أول عمره فَقير الْحَال جدا فسافر الى الرّوم فى سنة ثَلَاث وَسبعين ونهض بِهِ حَظه لاقبال الْوَزير الْفَاضِل عَلَيْهِ فولى الْمدرسَة الجقمقية ثمَّ فرغ عَنْهَا وَطلب افتاء الشَّام فناله وَقدم الى دمشق بحشمة باهرة وَاسْتمرّ مفتيا خمس سِنِين وَكَانَ متحريا فى امْر الْفتيا غَايَة التحرى وَلم يضْبط عَلَيْهِ شئ خَالف فِيهِ القَوْل الْمُصَحح وَلما توفى الشَّمْس مُحَمَّد بن يحيى الخباز الشهير بالبطنينى انْحَلَّت عَنهُ بقْعَة التحديث بِجَامِع دمشق فوجهت اليه ودرس بهَا وَعلا صيته واشتهر أمره ثمَّ سعى بعض حساده فى كِتَابَة مَا هُوَ عَلَيْهِ من الانفة وَالْخُيَلَاء وَزَادُوا أَشْيَاء وَأَرْسلُوا فى ذَلِك كتبا الى جَانب الدولة فاستقر ذَلِك فى عقول أَصْحَاب الْحل وَالْعقد وَاتفقَ انه مَاتَ فى غُضُون ذَلِك الْعَلامَة المنلا أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن الكردى الْمُقدم ذكره وَكَانَ مدرس السليمية فَعرض فِيهَا قاضى الْقُضَاة بِدِمَشْق الْمولى عبد الله بن مُحَمَّد الطَّوِيل لنائبه شَيخنَا الْهمام أَحْمد بن مُحَمَّد المهمندارى فوجهت السليمية لشَيْخِنَا صَاحب التَّرْجَمَة ووجهت الْفتيا لشَيْخِنَا المهمندارى وَأعْطى درس التحديث عَنهُ للشمس مُحَمَّد بن مُحَمَّد العيثى وبقى على هَذَا نَحْو سنة ثمَّ سَافر الى الرّوم وَاجْتمعَ بشيخ الاسلام يحيى المنقارى وشكى اليه حَاله فَوجه اليه قَضَاء قاره وعجلون على التَّأْبِيد وَأعَاد اليه بقْعَة التحديث وَكَانَ الْوَزير الْفَاضِل يَوْمئِذٍ فى محاصرة جَزِيرَة كريت فَتوجه اليه فَلَمَّا وصل واستقبله وأكرمه وَفتحت مَدِينَة قندية وَهُوَ ثمَّة فعينه الْوَزير لخطبة الْفَتْح فى الْجَامِع الذى وسم باسم السُّلْطَان مُحَمَّد بن ابراهيم وَحصل لَهُ بذلك كَمَال الاشتهار وَوجه اليه قَضَاء حماة فَقدم الى دمشق ودرس مُدَّة ثمَّ أشيع مَوته فى الرّوم فوجهت عَنهُ الْمدرسَة السليمية وَالْقَضَاء فبقى مُدَّة صفر الْيَد ثمَّ لما مَاتَ السَّيِّد مُحَمَّد بن كَمَال الدّين بن حَمْزَة نقيب الشَّام وجهت اليه مدرسة التقوية ثمَّ سَافر الى الرّوم وأضاف اليها قَضَاء صيدا ثمَّ رَجَعَ الى دمشق وبقى يُفِيد ويدرس الى ان مَاتَ وَكَانَ مَوته يَوْم الِاثْنَيْنِ عَاشر شَوَّال سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَألف عَن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير وَاتفقَ لَهُ قبل مَوته أَحْوَال تدل على حسن الختام لَهُ مِنْهَا انه كَانَ من حِين ابْتَدَأَ درس البخارى فى سنة مَوته يقْرَأ الْفَاتِحَة كل يَوْم فى أول درسه وَآخره ويهديها النبى

فَوَافَقَ انها كَانَت ختام درسه فانه انْتهى درسه فى البخارى عِنْد آخر تَفْسِير الْفَاتِحَة فى الْيَوْم التَّاسِع وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان وَاتفقَ انه فى ثانى يَوْم ثَبت الْعِيد وَكَانَ يَوْم الْجُمُعَة فَحَضَرَ الى الْجَامِع وَعقد درسا حافلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015