بقوله قَاض بِالطَّائِف وَكَانَ قد عزل بِهِ القاضى احسان ابْن الْمدرس وَلم يكن مَحْمُود السِّيرَة فَكتب اليه القاضى تَاج الدّين
(قَاض طَرِيقَته المثلى قد اشتهرت ... فَلَيْسَ يخفى سناها مِنْهُ كتمان)
(تبدى سَرِيرَته مَعْلُوم سيرته ... كالطرس دلّ على مَا فِيهِ عنوان)
(فحبه لصلاح الْخلق أجمعهم ... سحية لم يحزها قطّ انسان)
(مَا زَالَ يبْذل فى الْمَعْرُوف قدرته ... حَتَّى تناقلت الاخبار ركبان)
(فصان عَن فعل احسان حكومته ... اذ طالما استبعد الاحرار احسان)
قلت وَرَأَيْت بِخَط الاخ ابْن فتح الله هَذِه الابيات كتبهَا القاضى مُحَمَّد الْمَذْكُور الى القاضى تَاج الدّين وَقد طلب شَيْئا من شعره
(لديك أَخا الْعليا وَالْفضل وَالْعلم ... وَمن جلّ من بَين الاخلاء بالفهم)
(تحل رحال الظاعنين وَمن غَدا ... اليك بدا فى حاملى الْعلم كالنجم)
(لَئِن كَانَ رب الْعلم كالرأس فى الورى ... فَأَنت لَهُ تَاج يضئ بِلَا كتم)
(طلبت من النّظم البديع لآلئا ... فدونكها كالعقد فى الْحسن وَالنّظم)
(تشنف أسماع الروَاة بدرها ... وتقطع أفلاذ الغبى من السعم)
(فيا أَيهَا القاضى المولد طبعه ... من الْعلم أفنانا تجل من العقم)
(نَوَائِب هَذَا الدَّهْر غالت قريحتى ... ودقت عظامى بعد تمزيقها لحمى)
(فَلَو أَن هَذَا الدَّهْر يبدى تعطفا ... لظل بديع النّظم وَالنّظم فى سهم)
(وَلَو أَن جزأ من همومى مفرق ... على الْخلق عاموا فى بحار من الْهم)
(وسامح فمنديل الْقَرار مقطع ... ورق لقلب لَا يقر من الْقدَم)
(وَدم أبدا فى نعْمَة ضد هاله ... يطَأ طئ رَأْسا فى الرغام الرغم)
وَكَانَت وَفَاته فى سنة أَربع وَأَرْبَعين وَألف
مُحَمَّد بن دَاوُد قاضى الْقُضَاة بِالشَّام الشهير برياضى الاطروش الرومى أوحد فضلاء الرّوم وشعرائهم المفلقين وبنغائهم الموصوفين وديوانه بَينهم سَائِر مَشْهُور مَرْغُوب فِيهِ وَله تذكرة الشُّعَرَاء وهى مَقْبُولَة أَيْضا وَاخْتصرَ من تَارِيخ ابْن خلطان كتابا مُخْتَصرا وَكَانَ يتبجح بتأليفه ولى قَضَاء الشَّام فى يَوْم الاربعاء ثامن عشر جُمَادَى الاولى سنة سِتّ وَعشْرين ودخلها وأرخ تَوليته الشَّيْخ عبد اللَّطِيف المنقارى بقوله
(قَالَ الحيا لما اسْتَقر بجلق ... قَاض بِهِ فاض عُيُون حياضى)