(أرخت مقدمه فَكَانَ بجلق ... يَا صَاح تَارِيخا بهاء رياضى)

وَكَانَ مَذْمُوم السِّيرَة فى قَضَائِهِ لِكَثْرَة طمعه وَقلة انصافه وَتصرف فى زَمَنه مِنْهُ يُوسُف ابْن كريم الدّين رَئِيس الْكتاب فى حُقُوق النَّاس وَأَمْوَالهمْ وَجمع أَمْوَالًا كَثِيرَة لانه كَانَ يلْعَب بِهِ لعب الصّبيان بالكرة وَكَانَت لَهُ زَوْجَة مَشْغُولَة باللهو واللعب سمع عِنْدهَا لَيْلَة صَوت الْآلَات فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَت لَهُ ان المؤذنين يذكرُونَ فى المنارة فَصدق قلوها وَكَانَت متصرفة فى منصبه وفيهَا يَقُول العمادى

(قضايا ابْن دَاوُد فى حرثه ... على عجل لم تزل جاريه)

(تلقنه الحكم عِنْد القضا ... فيا ليتها كَانَت القاضيه)

وَقد سبقه الى ذَلِك بعض الشُّعَرَاء فى هجو قَاض كَانَ مَحْكُومًا لامْرَأَته

(بلينا بقاض لَهُ زَوْجَة ... عَلَيْهِ أوامرها ماضيه)

(فيا ليته لم يكن قَاضِيا ... وَيَا ليتها كَانَت القاضيه)

ثمَّ عزل عَن قَضَاء الشَّام ورحل الى الرّوم فَلم تطل مُدَّة مكثه بهَا حَتَّى مَاتَ وَكَانَت وَفَاته فى حُدُود سنة ثَمَان وَعشْرين وَألف بقسطنطينية قَالَه النَّجْم الغزى

مُحَمَّد بن زين الدّين النخجوانى الاصل الدمشقى المولد تقدم أَخَوَاهُ ابراهيم وَأحمد الْمَعْرُوف بالمنطقى وَمُحَمّد هَذَا هُوَ الاكبر مِنْهُم كَانَ من أَعْيَان عُلَمَاء الشَّام وكرمائها ورزق الْحَظ الْعَظِيم فى الرياسة أول أمره ونفذت كَلمته وَولى النِّيَابَة بِدِمَشْق مَرَّات عديدة وَكَذَلِكَ قسْمَة الْعَسْكَر وَكَانَ حسن الْخط وَله معرفَة بالانشاء فى اللُّغَة الفارسية والتركية وَفِيه سخاء ولطف وَحسن لِقَاء الا أَنه كَانَ محتالا كذوبا واستبد بعزة وافرة وَلم يسْبقهُ أحد الى التَّصَرُّف الذى كَانَ فِيهِ والاختلاط بالوزراء والحكام وَكَانَ جلّ النَّاس الَّذين يحترمون ساحته ويخشون من أذيته لجسارته فى الامور ولوجود اخيه الاوسط المنطقى فى الرّوم وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ صَدرا من صُدُور الشَّام وَفِيه يَقُول الْفَتْح ابْن النّحاس قصيدته الْمَشْهُورَة وهى من غرر القصائد ومطلعها

(نظر والغايتك الَّتِى لم تلْحق ... فتحققوا ان العلى للسبق)

(طلبُوا العلى وَسعوا وَلَكِن فتهم ... وأتيت من طرق لَهَا لم تطرق)

(شابوا وَمَا لَحِقُوا الْغُبَار فحظهم ... مَا كَانَ غير غُبَار شيب المفرق)

(بأخيك أَو بك أشرقت سبل العلى ... وتبسمت بالبارق المتألق)

(من للعلى بِمُحَمد وبأحمد ... حَتَّى تدل بمنظر وبمنطق)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015