(مَا كل عين لَهَا نور تنير وَلَا ... كل الجفون لَهَا كحل وأهداب)
(الْفضل كَالشَّمْسِ لَا يخفى وَصَاحبه ... كالبدر لَيْسَ لَهُ ستر وجلباب)
(الى مَتى الدَّهْر يبدى من متاعبه ... مَا آن أَن ينقضى للدهر اتعاب)
(أما درى أَن مَوْلَانَا وَسَيِّدنَا ... لى فى مدائحه العلياء اسهاب)
(أَنا الذى نلْت آمالى بدولته ... وَكم توالت على داعيه آرَاب)
(كل لَهُ سيدى عمر يؤب لَهُ ... وَالْعَبْد مَا عَاشَ للابواب أواب)
(قد تبت عَن غير بَاب الْجُود أقصده ... وَالْحق من بعد كسب الذَّنب تواب)
وَله غير ذَلِك وفى هَذَا الْقدر من شعره غنى وَكَانَت وَفَاته فى سنة خمس وَخمسين وَألف
مُحَمَّد بن حَافظ الدّين بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالسرورى المقدسى الحنفى الْبَصِير من أَوْلَاد غَانِم الْفَاضِل النبيه كَانَ محققا بارعا حَدِيد الذِّهْن قوى الادراك مشاركا فى عدَّة فنون وَكَانَ لطيف الطَّبْع حُلْو المكالمة لَا يمل الخاطر من تحفه ونوادره ولد بِبَيْت الْمُقَدّس وَنَشَأ فى حجر وَالِده وَأخذ عَنهُ الْعُلُوم وَكَذَلِكَ أَخذ بِبَلَدِهِ عَن الشَّيْخ مَنْصُور السطوحى الْمحلى المقرى حِين اقامته بهَا ورحل الى مصر مرَّتَيْنِ وَأخذ عَن علمائها مِنْهُم الشَّيْخ حسن الشرنبلالى وَأَجَازَهُ بالافتاء والتدريس وَمن مشايخه الشهَاب أَحْمد وَأَخُوهُ الشَّمْس مُحَمَّد الشوبريان والنور الشبراملسى وَالشَّيْخ يس الحمصى وبرع وَتوجه الى الرّوم مرَّتَيْنِ فلقى من أَعْيَان علمائها قبولا وَكَانَ الْمُفْتى الاعظم يحيى بن عمر المنقارى يعظمه ويجله وَحكى أَنه كَانَ وَهُوَ بالروم تأتى اليه الْجِنّ وَقت الِاضْطِجَاع تَأْخُذ عَنهُ الْعلم فأقلقوه فَذكر أمره للْمولى أَبى السُّعُود الشعرانى فَأمره أَن يطْلب مِنْهُم شَيْئا من أَمر الدُّنْيَا فَلَمَّا فعل ذَلِك انكفوا عَنهُ وَلم يعودوا اليه وَولى بالقدس مدرستين وهما التذكيرية والمأمونية وَرجع من الْمرة الثَّانِيَة فى سنة احدى وَثَمَانِينَ وَألف وَدخل دمشق وَأخذ عَنهُ جمَاعَة من أَهلهَا ثمَّ رَحل الى الْقُدس وَانْقطع للتدريس فدرس الْكَنْز مرَّتَيْنِ وَالْهِدَايَة من أَولهَا الى الْبيُوع والدرر بطرفيها وَقَرَأَ متن التَّلْخِيص وَكَانَ يقْرَأ فى الْحرم بَين العشاءين المغنى وَلم يتمه وأقرأ متن الْمنَار وَكتاب ابْن الصّلاح فى المصطلح ومختصره للنووى وَشرع فى اقراء البخارى فعاجلته الْمنية وَكَانَ يحفظ كثيرا من الاشعار والشواهد والامثال خُصُوصا ديوَان المتنبى وَيعرف مَا أوخذ بِهِ المتنبى ويجيب عَن كثير وَكَانَ شيخ الاسلام خير الدّين الرملى يعرف حَقه ويصفه بِالْفَضْلِ التَّام