أحدا فى شَأْنه يمتثلون أمره ظَاهرا فاذا رَجَعَ مأموره رجعُوا لما هم عَلَيْهِ من الظُّلم وكل مِنْهُم بسط يَده على بِلَاد فكثرت الْفِتَن بِسَبَب ذَلِك وَكَانَ مُرَاده أَخذهم بالحيلة والسياسة فَلم تطل مدَّته وَتوفى وَكَانَت وَفَاته فى ثَالِث جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَتِسْعين وَألف وَتَوَلَّى بعده الامامة مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن وَبَايَعَهُ غَالب الائمة والاعيان ودانت لَهُ الْبِلَاد وَالنَّاس أشهرا فَلَمَّا لم تحمد سيرته لعدم ترويه فى الامور قَامَ عَلَيْهِ وَلَده عبد الله مَعَ جملَة من اخوانه وَمن بنى الامام المتَوَكل اسماعيل وخلعوه من الامامة وولوا الامامة يُوسُف بن المتَوَكل وَبَايَعَهُ النَّاس وغالب الائمة وَبسط عماله يدهم على الْبِلَاد وجهز الجيوش على الامام مُحَمَّد بن أَحْمد الْمَذْكُور فحصروه بقلعة الْحصن الْمَشْهُور بالمنصورة ثمَّ قويت شوكته وَقَامَ ثَانِيًا ودانت لَهُ الْيمن واستقل بالامر وَبَايَعَهُ غَالب النَّاس طَوْعًا أوكرها
مُحَمَّد بن الياس المدنى الْخَطِيب قَالَ بعض الْفُضَلَاء فى حَقه أحد الْفُضَلَاء الاكياس المثرين من نقود الادب الفائقة على نقود الاكياس طابت أنفاسه بِأَنْفَاسِ طابه وملأ من نفائس الْآدَاب والفضائل وطابه فَهُوَ اذا خطب خطب عرائس الافكار وَأجِيب اليها ونصت عَلَيْهِ فى أرائك البلاغة فَبنى علينا واذا كتب كبت الْعَدو والحسود وَأقر بفضله السَّيِّد والمسود لم يزل فى جوَار رَسُول الله حَتَّى انْتقل الى جوَار الله فَمن شعره مَا كتب بِهِ مجيبا للقاضى تَاج الدّين المالكى وَقد أرسل اليه بهدية قَوْله
(مولاى قدرك أَعلَى ... من كل شئ وأغلى)
(وَقد بعثت بِمَا ان ... ينمى لقدرك قلا)
(وَلَا أرَاهُ يوازى ... بِذَاكَ حاشا وكلا)
(من ذَا يُبَارى كَرِيمًا ... فى الْجُود حَاز الْمُعَلَّى)
(أم من يجارى جوادا ... فى حلبة الْفضل جلى)
(فاقبل لتشفع فضلا ... بِهِ تطولت فضلا)
فَأَجَابَهُ القاضى تَاج الدّين بقوله
(يَا سيدا واماما ... قد طَابَ فرعا وأصلا)
(خرت المكارم قدما ... وطبت قولا وفعلا)
(غمرت بالجود عبدا ... لَا زلت للفضل أَهلا)