وَأذن لَهُ بالافتاء والتدريس غير وَاحِد من مشايخه وَأثْنى عَلَيْهِ جمَاعَة من الاولياء وَكَانَ لَهُ ذهن ثاقب وحافظة ضابطة وقريحة وقادة وفكر قويم مَعَ عقل وافر وأدب ظَاهر وَكَمَال مُرُوءَة وَحسب وفتوة ودرس وَأفْتى وَتَقْرِيره أمتن من كِتَابَته واشتغل عَلَيْهِ جمَاعَة من الْفُضَلَاء وتفقه بِهِ كَثِيرُونَ مِنْهُم القاضى أَحْمد بن حُسَيْن بلفقيه وَالسَّيِّد أَبُو بكر بن مُحَمَّد بافقيه صَاحب قيدون وَالشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بافقيه وَبَنُو عبد الرَّحْمَن بن شهَاب الدّين وَغير هَؤُلَاءِ وَله فَتَاوَى كَثِيرَة لَكِنَّهَا غير مَجْمُوعَة وهى مفيدة جدا وَكَانَ من أورع أهل زمانة متقللا من الدُّنْيَا زاهدا فِيهَا وفى مناصبها وَكَانَ متقشفا فى مأكله وملبسه ومسكنه وَكَانَ لَهُ خطّ حسن وَيضْرب بِهِ الْمثل فى الصِّحَّة وَكتب بِخَطِّهِ عدَّة كتب وَجمع بَين الْعلم وَالْعِبَادَة والمجاهدة والزهادة وَكَانَ أعجوبة الدَّهْر فى الانابة واشتهر فى الديار الحضرمية بِانْفِرَادِهِ بتحقيق الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَكَانَت وَفَاته بِمَدِينَة تريم فى سنة سِتّ بعد الالف وَدفن بمقبرة الفويط والمنيرة وحزن النَّاس لفقده رَحمَه الله تَعَالَى
الامام مُحَمَّد بن الامام اسمعيل المتَوَكل على الله بن الامام الْقسم بن مُحَمَّد بن على الامام الْمُؤَيد بِاللَّه كَانَ اماما جَلِيلًا عَالما عَاملا كثير الْخَوْف من الله سُبْحَانَهُ محبا للْفُقَرَاء صارفا بَيت المَال لمصارفة نَشأ على طَاعَة الله تَعَالَى من صغره لم يعْهَد لَهُ صبوة وَتَوَلَّى الاعمال المهمة فى زمن وَالِده وَولى صنعاء مُدَّة مديدة وكل بلد تولاها رفع عَنْهَا المكوس والمظالم قَرَأَ فى بدايته على القاضى أَحْمد بن سعد الدّين وعَلى السَّيِّد الْعَلامَة الْحسن بن المطهر الجرموزى وَأخذ الحَدِيث عَن مُحدث الشَّافِعِيَّة بِالْيمن الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الْمُفْتى وَأخذ عَن الشَّيْخ الْعَلامَة أَحْمد بن عمر الحبيشى وَغَيرهم وَحج فى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَألف وزار النبى
وعمره نَحْو سبع عشرَة سنة وَمَعَهُ جمَاعَة من الاعيان وَأخذ عَن عُلَمَاء الْحَرَمَيْنِ وَلما توفى وَالِده عرضت عَلَيْهِ الامامة فأباها وتولاها الامام أَحْمد بن الْحسن الْمُقدم ذكره فَلَمَّا توفى أَحْمد بن الْحسن أجمع الائمة وَالْعُلَمَاء وَالنَّاس عَلَيْهِ وَلم يخْتَلف عَلَيْهِ أحد فتولاها وَسَار سيرة الائمة الهادين وَعم النَّاس بِظِل عدله وَأمر باحياء الْعُلُوم والمدارس وَقرب الْعلمَاء وتعهد أَحْوَال الْفُضَلَاء وَأدّى حُقُوق الضُّعَفَاء وَأمر بِرَفْع الْمَظَالِم وَلَكِن لِكَثْرَة علمه وَعدم بطشه وتوقفه عَن الاقدام على الفتك لم تمتثل أمره بَاطِنا الائمة من بنى الْقَاسِم من اخوانه وَبنى عَمه فَكَانَ اذا أَمر بِرَفْع الْمَظَالِم وَأرْسل