والمرء لا يكمل إيمانه إلا بحسن الخلق، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم» رواه الترمذي. وحسن الخلق مع الإيمان صاحبه في أعلى الجنة يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنا زعيم ـ أي ضامن ـ ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه». (رواه أبو داود).
وجماع الخير كله في حسن الخلق، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «البر حسن الخلق». (رواه مسلم).
وأنس بن مالك يحكي خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقاً". متفق عليه. يعلو على وجهه عليه الصلاة والسلام البشر والسرور والفأل، لم يكن عبوساً ولا مشمئزاً، يقول جرير بن عبد الله - رضي الله عنه -: "ما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا تبسم". (رواه البخاري).
ووصفه الله بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] وذو الأخلاق مع الإيمان أقرب الناس مجلساً من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الآخرة قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن من أحبكم إلي وأربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً». (رواه الترمذي).
وبعض الناس يُفرِّط في القيام بحقوق الخلق، ويظن أن كمال التعبد هو إصلاح ما بينه وبين خالقه دون خلقه، قال ابن رجب (?): "وكثيراً ما يغلب على من يعتني بالقيام بحقوق الله والانعكاف على محبته وخشيته وطاعته إهمال حقوق العباد بالكلية أو التقصير فيها، والجمع بين القيام بحقوق الله وحقوق عباده عزيز جداً لا يقوى عليه إلا الكُمَّل من الأنبياء والصديقين" اهـ.
والجمع بين حق الله وحق عباده لا يوفق إليه كل عبد، قال المحاسبي: "ثلاثة أشياء عزيزة: حسن الوجه مع الصيانة، وحسن الخلق مع الديانة، وحسن الإخاء مع الأمانة".