تسد فاقته ومن أنزلها بالرب فنعم الرزاق هو، ومن ظن بربه خيراً أفاض عليه جزيل خيراته وأسبل عليه جميل تفضلاته، فلازمْ الطلب فالمعطي كريم، والكاشف قدير، ولا تستعجل الإجابة إذا دعوت، ولا تستبطئها إذا تأخرت، ومن يُكثر قرع الأبواب يُوشك أن يُفتح له. ومن حلت به نوائب الدهر وجأر إلى الله حماه {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]. ألقي يونس في بطن الحوت، وبالدعاء نُبذ بالعراء من غير أذى.
وإذا تزخرف الناس بطيب الفراش فارفع أكف الضراعة إلى المولى في دجى الأسحار، فبدعوة تتقلب الأحوال، فالعقيم يولد له، والسقيم يُشفى، والفقير يرزق، والشقي يسعد، بدعوة واحدة أغرق أهل الأرض جميعهم إلا من شاء الله وهلك فرعون بدعوة موسى، قال سبحانه: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88]. ووُهب ما وهب سليمان بغير حساب بسؤال ربه الوهاب، وشفى الله أيوب من مرضه بتضرعه {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]. فأكثر الدعاء لنفسك بالهداية والبعد عن الفتن والثبات على الدين وإصلاح نيتك وإخلاص عملك.