وإذا أساء إليك القريب فأحسن إليه، وهذا هو الدواء الشرعي فالمسيء تقابل سيئته بالحسنة، وفي هذا الصنيع علو ورفعة عند الله، وعزة عند خلقه بإلجام النفس عن قبائحها، يقول عز وجل: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} [المؤمنون: 96].
ولا يوفق لهذه الخلة إلا من أرخص نفسه في جنب الله. وثمة خير آخر من الإحسان إليهم مقابل إساءتهم وهو كظم الغيظ، وذلك من صفات أهل الجنة، قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133، 134]. وفي مقابلة إساءتهم بالإساءة هجر لعبادة صلة ذوي القربى، وتأجيج للقطيعة، ووقوع في حبائل الشيطان وشراكه.
جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال عليه الصلاة والسلام: «لأن كان كما تقول فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك» (رواه مسلم).