الفريضة أعظم أجراً من خطوة إلى ذي الرحم"، وقريبك قطعة منك إن أحسنت إليه فإنما تحسن إلى شخصك، وإن بخلت عليه فإنما تبخل عن نفسك، والله خلق الرحم وشق لها اسماً من اسمه، ووعد ربنا بوصل من وصلها "أما ترضين أن أصل من وصلك وأن أقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال فذاك لك" (متفق عليه). وصلة الرحم تدفع بإذن الله نوائب الدهر، وترفع بأمر الله عن المرء البلايا، ومن وصله الرحيم وصله كل خير، ولم يقطعه أحد، ومن تره الجبار لم يصله بشر وعاش في كمد.
الرحم توصل بمعاهدتهم بالزيارة، بإكرام كريمهم، وعيادة سقيمهم، والتيسير على معسرهم، وتفقد أحوالهم.
وفي الوسائل الحديثة عون على الطاعة بأداء هذه العبادة، ففي الهاتف امتداد جسر العطف والمحبة، وفي المراسلة بقاء الود، وفي تبليغ السلام تجديد العهد. وكل وسيلة مباحة لتقوية أوَّار ذوي القربى اغتنمها في أداء تلك العبادة. ودعوة أقاربك وتوجيههم وإرشادهم ونصحهم ألزم من غيرهم قال سبحانه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214].
الأقارب ليسوا سواء في الصلة والمودة والرحمة، وصلة الأرحام عبادة عظيمة لا تفعل لفعل الناس لها، ولا تترك لترك الأرحام لها، بل المسلم واصل لرحمه ولو قطعوه أداء للعبادة، يصلهم لا مكافأة وإنما تعبداً لله جل وعلا، يقول عليه الصلاة والسلام: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها» (رواه البخاري).
وأقارب النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركون آذوه أذية شديدة، ومع ذلك كان يصلهم ويقول: «غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها» رواه مسلم، والله عز وجل يقول له مع محاربتهم له: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23].