خطط الشام (صفحة 981)

اللغات الأوربية بعض الروايات التمثيلية ومَثّلها بالفعل. والإبداع في التأليف والوضع، لا في النقل والاحتذاء، وإن عدّ الناقل صاحب فضل أيضاً.

ولما كان التمثيل كما قلنا عارضاً على مدنيتنا رجع القهقري بعد أبي خليل. وظل إلى يومنا هذا يمشي مشياً ضعيفاً، فلم تقم إلى الآن جوقة تمثيل وطنية تبث في الأمة روح الفضائل والآداب، وتأخذ من الناس بعض أوقاتهم تصرفه فيما يفيدهم فيلهون بما يجلب السرور إلى قلوبهم، والنور إلى عقولهم، وتتهذب في مدرسة التمثيل اليومية عقول الكبار، كما تتهذب في الكتاتيب عقول الصغار. فقد قال فولتير: إن المرء يتعلم بالتمثيل أحسن مما يعلمه إياه كتاب ضخم.

ولعل أبناء الشام إذا قويت فيهم أساليب الثقافة الحديثة، ترتقي فيهم سائر الفنون التي انحطت ولا تزال منحطة، فتكون من العوامل في نهوضها إلى المستوى اللائق بها في سلم الحضارة والهناء. والتمثيل الراقي أنفع لمجتمعنا من ذاك التمثيل الساذج الذي ما زال في أكثر مدن الشام مألوفاً للعامة، ونعني به خيال الظل أو الخيال الراقص المعروف أهله بالمخايلية وعرف هذا الضرب من التمثيل عند الترك، وإن لم يكن من اختراعهم باسم قره كوز. والتمثيل أجدى على أبنائنا وبناتنا من القصاصين أي الحكوية الحكواتية الذين يلهون العامة بغرائب الوقائع في المقاهي ويبثون فيهم سخائف وخرافات.

ومن غريب شأن هذه الأمة أننا رأينا كثيراً من نجباء أبنائها برعوا في التمثيل، ومنهم من يعرف الأدب وما ينبغي له، قد زهدوا في فنهم، وكتموا نبوغهم فيه، شأن كثير من أرباب الصوت الرخيم والغرام بالموسيقى، والضرب على آلات الطرب المتعارفة، يخافون أن يعرفوا بها ويعمدون إلى التقية كأن من العار التلبس

بهذه الفنون الجميلة.

وممن عرفنا منهم نور الدين حقي. حكمة المرادي. صالح الحيلاني. أحمد عبيد. سليم عطاء الله المعروف بكش كش بك. واشتهر أيضاً حمزة الأصيل. صالح شهبندر. حسن الساعاتي. إبراهيم المنجد. إبراهيم نفش. راغب السمسمية. جرجي نفش. درويش البغجاتي. أبو الخير الغلاييني. يوسف مردم بك. خالد السمسمية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015