بالهجوم على المدينة فسالت الدماء أنهاراً ثلاثة أيام، ولم ينج من النصارى إلا عدد قليل، ثم أحرقوا المساكن وارتكبت الجنود التركية مع النساء على عادتها ما ارتكبت، وبلغ عدد قتلى الدير على رواية مشاقة ما يقرب ألفي نفس من الرجال البالغين والنساء
والأطفال ثم أعمل الدروز سيوفهم في أهل جزين. فحوادث الشام سنة 1860 بدأت إذاً ببيت مري في السنة الماضية وثنت بدير القمر ومن هناك انتشرت في الأطراف.
طلب والي دمشق الخراج المتأخر من دروز حاصبيا وعين أحد الشهابيين في فرقة من العساكر لشد أزره، فتألب دروز وادي التيم وإقليم البلان على الشهابي في حاصبيا وهاجموها ولم يلاقوا مقاومة شديدة من النصارى لقلة عددهم وكان عدد القتلى متساوياً بين الفريقين ثم نزع من النصارى سلاحهم، وأخذ الدروز يفتكون بهم ويحرقون مساكنهم، ثم تنحى العسكر التركي وترك الدروز وشأنهم مع النصارى فقتلوا منهم 724 رجلاً وقتل من الدروز والأتراك أربعون. وفي اليوم الذي جرت فيه مذبحة حاصبيا باغت دروز حوران نصارى راشيا الوادي في بيوتهم وفي السراي على مرأى من الجنود التركية وبمساعدتهم أجهزوا على جموعهم وقتلوهم مع أمراء الشهابيين ولم ينج منهم سوى أميرين ثم نهبوا بيوتهم، وبلغ عدد قتلى راشيا الوادي خمسمائة رجل وطفل وامرأة. وهاجم دروز حوران بقيادة إسماعيل الأطرش مدينة زحلة فردهم أهلها مراراً، وطال القتال يومين فاضطر الدروز إلى الرجوع عنها، ثم عاد الدروز ومعهم الجند العثماني وأحرقوا جانباً من المدينة وأخذ الجند يرتكب الفاحشة واغتصبوا الراهبات ونهبوا الكنائس والأديار، فلم يبق لدى قناصل الدول شك في أن الدولة العثمانية تريد هذه المذابح وتدبرها حتى لا تطالبها الدول بحماية النصارى وتجد سبيلاً إلى مراقبة أعمالهم الجزئية والكلية مما يسقط من منزلتها، وقد هلك من الزحليين نحو مائة إنسان
لأنهم لم يمكنوا الدولة من إدخال جندها إلى بلدهم. وإسماعيل الأطرش هذا قتل يوم جاء لمعاونة أبناء مذهبه في وقعتي