راشيا وزحلة 135 نصرانياً التجئوا من إقليم البلان إلى شيخ قرية كناكر. قال اللورد دوفرين: لم يبق أدنى ريب يحول دون نسبة المذابح الأخيرة وجميع الحروب والاضطرابات والمنازعات التي انتابت لبنان في مدى الخمس عشرة سنة الأخيرة إلى استياء الحكومة العثمانية من الاستقلال النوعي الممنوح للجبل، فجعلت مرمى سياستها أن تبرهن على أنه يتعذر العمل بطريقة الحكم التي منحتها الدول لبنان في سنة 1845، ولهذا كان الأتراك يغتنمون الفرصة لإثارة دفائن الأحقاد القديمة بين الدروز والموارنة، ولما ازداد تعجرف المسيحيين وتعصبهم بقوة المساعدات الأجنبية التي فازوا بها، ثقل على الأتراك احتمال وطأة استقلالهم، فعقدوا العزم على اتخاذ الدروز آلة ليوقعوا بهم ويضربوهم ضربة أشد إيلاماً مما تقدمها، بيد أن ما حدث في حاصبيا وراشيا ودير القمر قد جاء مجاوزاً الحد المنوي لعدم توفر شروط اللباقة في خورشيد باشا وأعوانه لإنفاذ سياسة دهاء كهذه، فأفرطوا فيها بحيث افتضح سر سياستهم وكان له دوي هائل في الأندية الأوربية.
وقال أيضاً: لما زرت هذه الأصقاع لبنان قبل استيقاظ الفتنة ببضعة أشهر شاهدت أماراتها بادية في عواطف الفريقين، فالدروز كانوا مستعدين للقتال، والموارنة كانوا يعتقدون أن قد دنت ساعة فوزهم، كما أن دخل الجمارك يثبت أن قد أدخل إلى لبنان من كانون الثاني 1857 إلى ربيع 1860 أكثر من 120 ألف بندقية و20 ألف مسدس وكان من المشتهر انصراف المطران طوبيا وشركائه إلى إيقاظ الفتنة. إلى أن يقول فمن العبث وصف النصارى بأنهم شهداء قديسون فهم يضاهون جيرانهم الدروز في حروبهم همجية وظمأ إلى الدماء، وكثيراً ما كانوا يقتتلون بعضهم مع بعض ولا يعفون عن النساء. يؤيد ذلك ارتكابهم الفظائع مع
المشايخ الخازنيين منذ سنتين، ومثل هذه المعايب كثيرة في تاريخهم، بيد أن الدروز هم من هذا القبيل أكثر شفقة من غيرهم فلا يقتلون بعضهم مع بعض ويحترمون النساء، وعليه فمن الخطأ وصف القتال الذي جرى بين الدروز والموارنة بمثابة اعتداء وثنيين برابرة على أتباع دين المسيح الودعاء، بل هو نتيجة تباغض طائفتين متساويتين في