أن أحاطت بهم العساكر من كل جهة فدافع النصيرية حتى فقدوا خمسة وعشرين رجلاً وفي اليوم التالي التحم القتال ودامت المناوشات والمقاومات أربع سنين حتى أرسلت الدولة عسكراً جراراً، وندبت كامل باشا لإجراء الصلح بين الدولة والنصيرية فتم ذلك على يده.
استطال النصارى بعد حرب القريم، ولا سيما في لبنان، وأخذت الدولة تثير الدروز على النصارى على ما يؤكده الغربيون والنصارى، وبقيت الحوادث تتوالى والأصابع العثمانية والأجنبية تعبث بعقول المغفلين، وكانت الثورات على ما في تاريخ زحلة تتوالى والخصام يزداد اتساعاً، وعوامل الحقد تسكن القلوب فتحركها على جر الويل وإهراق الدماء، وكان ذلك من أهم ذرائع التنافس والتنابذ بين المسيحيين والدروز، وكأن البلاد ألفت التعصب فتوالى عليها من العصبيات القيسية واليمانية واليزبكية والجنبلاطية والمعلوفية والمكارمية والزحلية والقنطارية، ثم بدأت العصبية المسيحية والدرزية، فكانت الأخيرة أشر من الأولى، وتحفز الدروز للتنكيل بالمسيحيين ولا سيما سكان زحلة ودير القمر الذين أوغروا صدورهم ببسالتهم ونفوذ كلمتهم لدى إبراهيم باشا والأمير بشير لمعاضدتهم لهما.
بدأت الفتنة العظمى بهجوم شراذم من الدروز على قرية بيت مري في لبنان يوم 30 آب 1859 فانهزم الدروز وأحرقوا ثلاث قرى مسيحية وقتل بعض رجالها، وفي الربيع التالي بدأت الدروز تفد على المختارة مركز آل جنبلاط كبار مشايخ الدروز. قال مشاقة: وفي شهر نيسان من تلك السنة ورد أمر إلى خورشيد باشا من السلطان بإهلاك النصارى عن آخرهم وإطلاق أيدي الأوباش، فألح خورشيد باشا على سعيد بك جنبلاط أن يصدع بالأمر فأوعز إلى رجاله بالهجوم على النصارى، فقتل الدروز بضعة عشر منهم في الطرق، ثم وقعت مناوشة في دير القمر وأرغم طاهر باشا قائد الحامية في دير القمر نصارى الدير على تسليم سلاحهم له، وبعد أن جمع سلاح النصارى سمح للدروز