فغدر بهما وقتلهما فحكم قائد بيه جبل كسروان حتى مات سنة 930 وخلفه الأمير منصور ابن أخي الأمير حسن وامتد حكمه إلى عكار. وكانت طرابلس بيد النواب يستأجرها محمد أغا شعيب من أهل عرقة ويستأجر الأمير منصور جبيل والبترون وجبة بشرة والكورة والزاوية والضنية. وفي سنة 930 جهز والي دمشق خرم باشا حملة لقتال الدروز في الشوف فانتصر عليهم وأحرق قرية الباروك وثلاثاً وأربعين قرية، وأرسل إلى دمشق أربعة أحمال من رؤوسهم فعلقت على القلعة ورجع ومعه مجلدات من كتب الدروز، ثم أرسل أربعة أحمال من رؤوسهم وأحرق نحو ثلاثين قرية ونهب قرية البرج وسبى نحو 360 من النساء والأطفال وغنم ما لا يحصى من البقر والجمال والغنم وغير ذلك.
وفي سنة 935 وقع قتال بين أولاد شعيب وأولاد سيفا أمير التركمان وقتل علي الشعيبي في عرقة وتولى أولاد سيفا عكار، ثم قتلوا محمد آغا شعيب حاكم طرابلس قدام القاضي فأعطاهم القاضي فتوى بأنهم أبرياء من دمه وأنه هو ألزمهم بذلك. وفي سنة 940 وقعت فتنة أهلية في العاقورة وجبة المنيطرة في لبنان نشأت من خصام بين مالك اليمني وهاشم العجمي من مشايخ العاقورة، وكثرت الدسائس بين بني الحرفوش أمراء بعلبك وآل سيفا حكام طرابلس، وأخذ
أبناء العم يقتلون أولاد عمهم للاستئثار بالإمارة، وخربت بعض تلك الديار ومن القرى ما نزح سكانه عنه. قال الشهابي: وكبر قدر بني حبيش عند ابن سيفا وصاروا متصرفين في تدبير حكمه وبقيت العاقورة خراباً سبع سنين لم يقطن فيها أحد. ثم إن القيسية سكنوا في طرابلس واستحصل اليمنية أمراً من نائب دمشق ورجعوا فبنوا العاقورة ثانية وفي سنة 951 توفي الأمير فخر الدين بن عثمان بن معن الذي حكم من حدود يافا إلى طرابلس وبني بنايات وقلاعاً عظيمة واستراح الناس في حكمه وأطاعته العرب وخلفه ولده الأمير قرقماز، وبعد وفاة فخر الدين امتد حكم الأمير منصور بن عساف من نهر الكلب ببيروت إلى حدود حمص وحماة وقوي بماله ورجاله.