ذكر أهل الأخبار والسير أن الشام كانت يوم عرف تاريخها مغشاة بالأشجار. ولا سيما في اللبنانين الغربي والشرقي، فجاءها من بلاد أشور رعاة نزلوا القسم الشمالي منها وما زالوا يتقدمون في فتوحهم حتى بلغوا معظم سواحل الشام واستولوا على عكا. وانقسم هؤلاء الرعاة واسمهم عمو أي الشعب إلى قسمين: قسم أقام على تربية الماشية في السهول، واحترف القسم الآخر بالاحتطاب في الجبال، أو بالصيد على شواطئ البحر وضفاف الأنهار. وقيل: إن ذلك كان في القرن السادس عشر قبل الميلاد ولعله يرد إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، ولم يعرف من كان سكان القطر يومئذ. والغالب أن من أقدم الشعوب التي استولت على الشام الحثيين في الشمال والكنعانيين في الجنوب. والحثيون لم يعرف عنهم إلا أنهم كانوا وراء جبال طوروس بادئ بدء يسكنون الحوض الأعلى من نهري الفرات وقزل ايرمق خضعوا أولا للكلدانيين، ثم توسعوا في ملكهم، واستولوا بقيادة ملكهم سابا لولو على الشمال، وامتدوا إلى وادي العاصي فاستصفوه برمته، وبنوا مدنا مثل كركميش جرابلس على الفرات وقادس على العاصي، وربما كانت مدينة حلب أيضا من بنائهم. وفي رسائل تل العمارنة التي وجدت في صعيد مصر بيان وافٍ في الجملة لحالة هذه الدولة الحثية