وهم مجموعة الشعوب التي كان اليونان يطلقون عليهم اسم الفينيقيين.
وذكر يوسف داود أن لسان أهل فلسطين ولا سيما أورشليم في عصر المسيح الآرامي أي السريانية، فكانت اليونانية لغة أجنبية يتكلم بها كثير من الغرباء النازلين في الشام وهي لغة الحكام والحكومة في عهد تلك الدولة. وكثيرا ما كانوا يكتبون بعض المقدسات على ذاك الدور بالعبراني أو السرياني اللاتيني واليوناني، وكان يحرم على اليهود في فلسطين ولا سيما الرجال أن يتعلموا اللغة اليونانية ويباح للنساء تعلمها من باب التزين الجائز لهن. قلت: وهذا من التحكمات الباردة مثل الأمر الصادر عن أحد خلفاء بني العباس من أخذ أهل الذمة بتعلم اللغة السريانية والعبرانية وترك العربية ولكن أمره لم ينفذ لأنه غير معقول.
وقيل: إن الآرامية كانت لغة العامة في عهد المملكة الآشورية وأن الآشورية اللغة الرسمية، وكان الموظفون في العهد البيزنطي القادمون إلى الشام يعتمدون على التراجمة مع الأهليين المتكلمين بالآرامية. ولما انقضى العصر البابلي الآشوري حلت اللغة الآرامية محل البابلية في السياسة والتجارة، وأصبحت اللغة الرسمية لملوك فارس وآرام وتدمر والبتراء. وكانت اللغة الفينيقية تختلف عن السريانية في القرن الأول قبل الميلاد ثم تمازجتا حتى أصبحتا شيئا واحدا، وكانت اللهجة العامة عند يهود فلسطين وهي أقرب إلى الآرامية منها إلى العبرية، يطلق عليها بين اليهود أنفسهم اسم اللغة العبرية وهي تختلف عن لغتهم المقدسة. وذكر رنان أن اللغة السريانية الكلدانية كانت أكثر اللغات انتشارا في أرض الجليل وأن المسيح كان يتحدث بها إلى الناس، وأن الأناجيل كتبت لأول أمرها باليونانية وأصبحت هذه في الشام لغة عامة ولغة علم، وكان من نتائج ذلك دخول الألفاظ اليونانية في
اللغة السريانية بكثرة زائدة حتى إن اللغة اللاتينية لم يكن لها تأثير البتة بين الشعوب السامية، فمن القواعد العامة أن الفتح الروماني لم يستطع أن يقضي على استعمال اللغة اليونانية في القطر وقد رآها متأصلة فيه،