فاستأمن إليه، وتوجه إلى الرقة فاستولى عليها، ودخل منير دمشق واستقر في ولايتها وأحسن السيرة في أهلها، وارتفعت منزلته عند العزيز وجهزه لحصار سعد الدولة بحلب.
وكان بكجور بعد انصرافه من دمشق سأل سعد الدولة العودة إلى ولايته حمص فمنعه لأنه كان نزع يده من الدولة الحمدانية ووضعها في يد الدولة الفاطمية، فلما أخفق عاد إلى دولته الأولى فرفضته وأجلبت عليه، فاستنجد بكجور الملك العزيز لحرب سعد الدولة فبعث إلى نزّال بمظاهرته، فسار إليه بالعساكر، وخرج سعد الدولة من حلب للقائه وقد أضمر نزال الغدر ببكجور، واستعد سعد الدولة للقائهم، وقد استمد عامل إنطاكية للروم فأمده بجيش كبير، وداخل العرب الذين مع بكجور في الانهزام عنه وكانوا وعدوه ذلك من أنفسهم، فلما تراءى الجمعان وشعر
بكجور بخديعة العرب استمات وحمل على الصف بقصد سعد الدولة فقتل لؤلؤاً الكبير مولاه، ثم حمل عليه سعد الدولة فهزمه، فسار إلى بعض العرب ثم حمل إلى سعد الدولة فقتله، وسار إلى الرقة فملكها وقبض جميع أمواله وكان شيئا كثيرا.
وزاد مسكويه في تفاصيل هذه الحادثة ما يلي: كان لبكجور رفقاء بحلب يوادونه فكاتبوه وأطعموه في الأمر، وأعلموه تشاغل سعد الدولة باللذات، فاغتر بأقوالهم وكتب إلى صاحب مصر يبذل له فتح حلب، ويطلب منه الإنجاد والمعونة، فأجابه إلى كل ملتمس، وكتب إلى نزّال الغوري والي طرابلس بالمسير إليه متى استدعاه من غير معاودة. وكان نزّال هذا من قواد المغاربة وصناديدهم، فتلكأ نزّال، وكاتب سعد الدولة بسيل ملك الروم يعلمه عصيان بكجور عليه، وسأله إنجاده بالبرجي صاحبه بإنطاكية فسار إليه، وبرز سعد الدولة في غلمانه وطوائف عسكره، ولم يكن معه من العرب إلا خمسمائة فارس إلا أنهم أولو بأس. وتقارب العسكران ووقع الطراد، وكان الفارس من أصحاب سعد الدولة إذا عاد