إليه وقد طعن أو جرح خلع عليه وأحسن إليه. وكان بكجور شحيحاً فإذا عاد إليه رجل من رجاله على هذه الحال أمر بأن يكتب اسمه لينظر مستأنفا في أمره. فقضى شح بكجور عليه حتى أسلمه إلى خصمه فقتله.
وقد أعطى سعد الدولة سلامة الرشيقي عهدا بالإبقاء على آل بكجور وأموالهم على أن يسلمه حصن الرافعة، وهو بلد متصل بالرقة، فخرجوا منها ومعهم من الأموال والزينة ما كثر في عين سعد الدولة، فإنه كان يشاهدهم من وراء سرادقه، وبين يديه ابن أبي الحصين القاضي. وقال له: ما ظننت أن حال بكجور انتهت إلى ما أراه من هذه الأثقال والأموال. فقال ابن أبي الحصين: إن بكجور وأولاده مماليكك وكل ما ملكه وملكوه فهو لك، لا حرج عليك فيما تأخذه منهم، ولا حنث
في الإيمان التي حلفت بها، ومهما كان من وزر وإثم فعليَّ، فلما سمع هذا القول أصغى إليه، وغدر بهم وقبض جميع ما كان معهم.
قال مسكويه: فما كان أسوأ محضر هذا القاضي الذي حسن لسعد الدولة تسويل الشيطان، وأفتاه بنقض الأيمان، ثم لم يقنع بما زين له من غدره، ولبّس عليه من أمره، حتى تكفل له بحمل وزره، وهل أحد حامل وزر غيره، أما سمع قول الله تعالى في أهل الضلالة: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون).
مات سعد الدولة فقام بعده ابنه أبو الفضائل ووصيه لؤلؤ فأخذ هذا العهد على الأجناد لأبي الفضائل، وتراجعت العساكر إلى حلب، فرأى العزيز أن الوقت قد حان لاستصفاء الشام بأسرها وإنقاذها من هذا التذبذب بين الدولتين، جنوبها للعزيز وشمالها للحمدانيين، ولا يفتأ كل فريق يدس للآخر، فسير جيشا كثيفا على حلب وعليه منجوتكين أنفق عليه ألف ألف دينار ونيفا، فلما وصل إلى دمشق تلقاه أهلها وقوادها وعساكر الشام كلها، فأقام بها مدة ثم رحل إلى حلب. قال ابن ميسر: