إليه العرب من قيس وغيرهم، ولقي ابن الجراح وقد كمن لهم بلتكين من ورائهم، فانهزم ومضى إلى إنطاكية فأجاره صاحبها. وصادف خروج ملك الروم من القسطنطينية إلى الشام فخاف ابن الجراح وكاتب بكجور عامل حمص لأبي المعالي بن سيف الدولة ولجأ إليه فأجاره. وكان بكجور والي حمص يمد دمشق أيام هذه الفتن والغلاء ويحمل الأقوات من حمص إليها. وكانت دمشق في هذا العهد قد خربها العرب وأهل العيث والفساد، وانتقل أهلها إلى حمص فعمرت. وربما كان هذا القرن أشأم القرون السالفة في الشام ودمشق خاصة، وكان كل أذى ينزل بها وبأهلها. قال ابن بطريق: سار بكجور إلى أبي المعالي بن سيف الدولة من حلب وهو يومئذ بحمص فخلع عليه أبو المعالي وولاه حلب، وعاد بكجور إلى حلب وأقيمت له الدعوة فيها وفي سائر أعمالها، ووافق بكجور سائر غلمان الدولة على القبض على قرعويه، وسار أبو المعالي إلى حلب وأخرجه من حمص وقبض على قرعويه، وسار أبو المعالي من حلب وفتح
المعرة وما يليها في شوال سنة 366، ونزل إلى حلب ومعه بنو كلاب، ووقع القتال بينه وبين بكجور، واستظهر أبو المعالي عليه واستقر الأمر بينه وبين بكجور على ولاية حمص. ثم عصى بكجور على سعد الدولة واستدعى جيوش العزيز فسارت معه ونزل على حلب وتحاربوا يومين، سار الدمستق إلى حلب، وورد خبره على بكجور فرحل إليه، فوقع القتال وجرى بينه وبين سعد الدولة مراسلة واستقر الحال بينهم على أن يحمل إليه سعد الدولة مال سنتين أربعين ألف دينار، وسار الدمستق وقصد حمص وسبى أهلها، وأحرق بها جماعة اعتصموا في المغاور وسار بكجور إلى دمشق وتقلدها.
وكان بكجور يكاتب العزيز الفاطمي بما يقوم به من الخدم فاستنجز وعد العزيز إياه بولاية دمشق فولاه إياها سنة 73 إلا أنه أساء السيرة في أهلها وقتل أناساً وصادر آخرين وجمع الأموال لنفسه، فجهزت العساكر عليه من مصر مع منير الخادم وكتب إلى نَزّال عامل طرابلس بمظاهرته. وجمع بكجور العرب وخرج للقائه فانهزم، ثم خاف من وصول نزال