الأفضل فقال له: أنا رسول قسام إليك لتحلف له وتعوضه عن دمشق بلداً يعيش به وقد بعثني اليك سراً، فحلف الأفضل، فلما توثق منه قام وقبل يديه وقال: أنا قسام. فأعجب الأفضل ما فعله وزاد في إكرامه ورده إلى البلد وسلمه إليه، وقام الأفضل بكل ما ضمنه وعوضه موضعاً عاش به، فلما بلغ ذلك العزيز أحسن صلته. ذكر هذا القفطي وأورد الذهبي رواية أخرى في أمر قسام قال: إنه تقدم لقتاله سليمان بن جعفر بن فلاح إلى دمشق فنزل في ظاهرها ولم يمكنه دخولها فبعث إليه قسام بخطه أنا مقيم على الطاعة، وبلغ العزيز ذلك فبعث البريد إلى سليمان يرده فترحل سليمان من دمشق وولى العزيز عليها أبا محمود المغربي ولم يكن له أيضاً مع قسام أمر ولا حل ولا عقد. قال ابن تغري بردي: ولعل الذي ذكره الذهبي كان قبل توجه عسكر أفتكين والأفضل، فإن الأفضل لما سار بالجيوش أخذ دمشق من قسام وعوضه بلداً آخر وهو المتواتر.
وكان من سياسة قسام الحارثي أن كان يدعو للعزيز بالله العلوي على المنابر. وقبل أن يحاربه المصريون وصل إليه أبو تغلب بن حمدان صاحب الموصل
وحط رحاله في حوران، فمنعه قسام من دخول دمشق، فاستوحش أبو تغلب وجرى بين أصحابه وأصحاب أبي تغلب شيء من قتال، فرحل أبو تغلب إلى طبرية، وورد من عند العزيز القائد الأفضل في جيش فقاتله وجماعته حتى قتل في الرملة 369 وخلت الديار، وأتت بنو طيىء على الناس وشملهم البلاء منهم.
كان مفرج بن الجراح أمير بني طيىء وسائر العرب في فلسطين قد كثرت جموعه وقويت شوكته، وعاث في فلسطين وخربها، وهلك من فيها فكان الرجل يدخل إلى الرملة يطلب فيها شيئاً يأكله فلا يجده، ومات الخلق بالجوع وخربت الأعمال، فخاف العزيز عاقبة أمره بعد أن رأى ما أتعب دولته من أمر الخوارج أفتكين والأعصم وقسام وابن حمدان، فجهز العساكر لحربه مع قائده بلتكين التركي فسار إلى الرملة، واجتمع