عليه بأحمد بن طولون فولاه المعتز بالله سنة 254 مصر. وفي سنة 264 توفي أماجور بدمشق واستخلف ابنه علي، فحرك ذلك أحمد بن طولون على فتح الشام فكتب إلى عليّ يخبره بأنه سائر إليه
وأمره بإقامة الأنزال والميرة لعساكره، فرد علي بن أماجور أحسن جواب، وخرج ابن طولون في المطوعة من مصر وفلسطين فبلغ الرملة فتلقاه محمد بن رافع خليفة أماجور عليها وأقام الدعوة بها فأقره عليها، ومضى إلى دمشق فتلقاه علي بن أماجور وأقام له بها الدعوة واحتوى على خزائن أماجور وأقام بها أحمد حتى استوثق له أمرها، ثم استخلف عليها احمد بن دوغباش، ومضى إلى حمص فلقيه عيسى الكرخي خليفة أماجور عليها فسلمها إليه، ثم بعث إلى سيما الطويل التركي وهو بإنطاكية يأمره بالدعاء له فلم يجبه سيما، فتحصن بإنطاكية في جيش من الأتراك وغيرهم، وامتنع، فحاصره أحمد ورمى حصنها بالمنجنيق، وطال حصاره لها فاشتد ذلك على أهلها فبعثوا إلى أحمد بن طولون فخبروه بالموضع الذي يمكنه أن يدخل إليها منه فقصده، وعاونه أهلها على سيما فدخلها في المحرم سنة خمس وستين ومائتين فقتل سيما واستباح أمواله ورجاله. وكان قبل نزول ابن طولون على إنطاكية 264 وقع بين سيما وبين أحمد المؤيد حروب كثيرة ببلاد جند قنسرين والعواصم، وكان سيما قد عم أذاه أهلها فعاث ابن طولون ساعة بإنطاكية ثم ارتحل يؤم الثغر الشامي، وبهذا استولى ابن طولون على الشام أجمع والثغور وامتد حكمه من مصر إلى الفرات، ومن مصر إلى المغرب، وكان ذلك مدة اشتغال لموفق أبي أحمد طلحة بن المتوكل بحرب الزنج.
كان ابن طولون أول من اقتطع جزءاً من المملكة الإسلامية عن الخلافة، وجمع بين ملك مصر والشام في الإسلام، فكان لمن بعده من المستبدين بالنواحي قدوةً ومثالاً. وأخذ يستكثر من مشترى المماليك والديالمة حتى بلغت عدتهم أربعة وعشرين ألف مملوك وأربعين ألفاً من الزنج، واستكثر من العرب حتى بلغت عدتهم سبعة آلاف. وذكر بعض المؤرخين أن ابن طولون كان أعد بأمر الخليفة جيشاً مؤلفاً من مائة ألف إنسان لقتال أحد الخوارج على الخلافة في الشام، وكانت
هذه الكتلة من