فإن تعط سمعاً أو تعلقْ بطاعة ... تُقَلْ من ملمات شداد الزلزل
وإن تعصِ لا تسلم وفي السيف واعظ ... لذي الجهل ما لم يتعظ بالرسائل
فلم يجبه ابن بيهس على كتابه، وأقبل أبو العَمًيْطر على طلب القيسية فكتبوا إلى ابن بيهس، فاقبل إليهم في ثلاثمائة فارس من الضباب ومواليه، واتصل الخبر بأبي العميطر فوجه إليه يزيد بن هشام في اثني عشر ألفاً فاقتتلوا، فلم يزل القتل في أصحاب يزيد بن هشام حتى دخلوا أبواب دمشق، فبلغ القتلى ألفي رجل وأسر ثلاثة آلاف، فدعا بهم ابن بيهس فحلق رؤوسهم ولحاهم، وأحلفهم بأنهم يصيرون إلى باب أبي العَمَيْطَر فيصيحون نحن عتقاء ابن بيهس، فاشتدت شوكته وتوهن أمر أبي العميطر السفياني، فجعل ابن بيهس يغير كل يوم على ناحية فيقتل ويأسر. ولما فرغ ابن بيهس من حرب يزيد بن هشام، نزل قرية سكا، واجتمع إلى أبي العميطر وزراؤه فقالوا له: لا يهولنك محاصرة ابن بيهس إياك فإن الحرب سجال، فكتب أبو العميطر إلى السواحل والبقاع وبعلبك وحمص فأتاه خلق عظيم، واشتبكت الحرب بين شبعا وقرحتا وتقاتلوا قتالاً طويلاً. واجتمعت نمير على مسلمة بن يعقوب، وبذلوا له البيعة بالخلافة، فقبل منهم وجمع مواليه ودخل على السفياني أبي العميطر في الخضراء فقبض عليه وقيده، وقبض على رؤساء بني أمية فبايعوه وأدنى قيساً وجعلهم خاصته.
وجمع ابن بيهس رؤساء بني نمير فقال لهم: قد كان من علتي ما ترون فارفقوا ببني مروان بن الحكم وألطفوا بهم، وعليكم بمسلمة بن يعقوب فبذل له بنو نمير البيعة. وبعث مسلمة إلى رؤساء بني أمية عن لسان أبي العَمَيْطر يأمرهم بالحضور فجعل كل من دخل يقال له: بايع، والسيف على رأسه فيبايع. وأدنى مسلمة القيسية، ولبس الثياب الحمر، وجعل أعلامه حمراء، وأقطع بني نمير ضياع المرج، وجعل لكل رجل من وجوه قيس بمدينة دمشق منزلاً وولاهم، ثم أقبل ابن بيهس حتى نزل قرية شبعا وأصبح منها غادياً إلى دمشق، وصاح الديدبان بالسلاح، وخرج مسلمة وخرجت معه القيسية، فتقاتلوا ذلك اليوم مع