الملك إلى أهل بعلبك يعلمهم بمصيرهم ويأمرهم بقتالهم، فتأهبوا وقاتلوهم في أسفل جبل لبنان، ثم أظهروا الهزيمة فأمعنوا في الطلب، فلما بعدوا عن الجبل كرت عليهم خيل بعلبك، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وانهزم بقيتهم، ثم هاجموهم في قلعتهم فظهروا عليهم وامتلكوها منهم، وهرب بندار إلى ملك الروم، فكتب حينئذ صالح بن علي يأمر بإخراج من بقي في الجبل، وتفريقهم في كور الشام. وصالح بن علي من أعظم رجال العباسيين هو الذي كسر الروم في نوبة مرج دابق وكانوا في مائة ألف أو يزيدون. وبعد صالح بن علي وجه أبو جعفر المنصور محمد بن الأشعث إلى الشام، وكتب إليه أن يخرج عمال صالح بن علي، فجهزه وعقد له وضم إليه من
قواده جماعة، وكتب أمير المؤمنين إلى صالح بن علي أن يسلم دمشق إلى محمد بن الأشعث، فأتاها فأقام بها مدة، ثم أتاه كتاب أمير المؤمنين يأمره أن يسير إلى الأردن ويخرج عمال صالح بن علي من الأردن والبلقاء وفلسطين فأخرجهم.
وفي سنة 168 نقض الروم الصلح، فوجه علي بن سليمان وهو يومئذ على الجزيرة وقنسرين يزيد بن بدر في سرية إلى الروم، فغنموا وظفروا. ولم يغفل العباسيون عن غزو الروم الصوائف وغيرها على مثال بني أمية. وفي هذه السنة رد المهدي ديوان أهل بيته من دمشق إلى المدينة. ومن الفتن فتنة سنة 176 هاجت بدمشق بين المضريين واليمانيين، وكان على دمشق عبد الصمد، فسعى الرؤساء في الصلح فأجاب بنو القين، واستمهلت اليمانية ثم ساروا إلى بني القين وقتلوا نحو ستمائة، فاستنجدت بنو القين قضاعة وسليحا فأبوا، فاستنجدوا قيسا فساروا معهم إلى الصواليك، من أرض البلقاء، فقتلوا من اليمانية ثمانمائة، وكثر القتل منهم، ثم عزل الرشيد عبد الصمد عن دمشق، وولاها إبراهيم بن صالح، وكان هواه مع اليمانيين، واستخلف إبراهيم على دمشق ابنه إسحاق فحبس جماعة من قيس وضربهم، ثم وثبت غسان برجل من ولد قيس العبسي فقتلوه، واستنجد