ومن كوائن هذا الدور ما وقع في سنة 135 من نهب المقدم الياس في لبنان البقاع ونهب قراها وأهلها، فأرسل والي الشام من قبل أبي العباس إليه رسلا لعقد الصلح، ثم هاجمه في قرية المرج وقتله، وبعد رجوع عسكر الشام، رجع أصحابه ودفنوه بقرب الجامع الذي في القرية. ثم أقيم مقدما على الجيش سمعان ابن أخت المقتول فسارت إليه عساكر الشام، وكانت الحرب بينهم في قرية الشوير، فانكسر العسكر الشامي وارتد راجعا، ودام القتال على ما في تواريخ الموارنة بين عساكر المسلمين ونصارى تلك الكورة مدة طويلة.
ويقول البلاذري: إنه خرج قوم بجبل لبنان شكوا عامل خراج بعلبك، فوجه صالح
بن علي من قتل مقاتلتهم وأقر من بقي منهم على دينهم، وردهم إلى قراهم، وأجلى قوما من أهل لبنان. وقد كتب الإمام الأوزاعي إلى صالح رسالة طويلة في تخطئته في طريقته التي سار عليها في مقاتلة اللبنانيين، حفظ منها ما يأتي: وقد كان من إجلاء أهل الذمة من جبل لبنان، ممن لم يكن لهم ممالئا لمن خرج على خروجه، ممن قتلت بعضهم ورددت باقيهم إلى قراهم، ما قد علمت، فكيف تؤخذ عامة بذنوب خاصة، حتى يخرجوا من ديارهم وأموالهم؟ وحكم الله تعالى أنْ لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وهو أحق ما وقف عنده، واقتدي به وأحق الوصايا أن تحفظ وترعى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال: من ظلم معاهدا وكلفه فوق طاقته فأنا حجيجه. ثم ذكر كلاما.
روى ابن عساكر أن الروم دخلوا طرابلس في زمان واليها رباح بن عثمان لصالح بن علي أمير الشام ومصر، ثم ظهر رجل من أهل المنيطرة، وذلك في سنة اثنتين أو سنة ثلاث وأربعين ومائة، وسمى نفسه الملك، ولبس التاج وأظهر الصليب واجتمع عليه أنباط جبل لبنان وغيرهم، ثم استفحل أمرهم فسبوا بعض قرى البقاع، فقتلوا المسلمين وأخذوا ما وجدوا وكتب بندار