أخوه بالزواقيل اللصوص من حوران فأنجدوه، وقتلوا من اليمانية نفرا. قال ابن كثير في حوادث سنة 176 إنه وقعت فتنة بين النزارية واليمانية، وهذا كان بدء العشران بحوران وهم قيس ويمن، أعادوا ما كانوا عليه في الجاهلية في هذا الأوان، فقتل منهم بشر كثير، فلما تفاقم الأمر بعث الرشيد من جهته موسى بن يحيى ومعه جماعة من القواد ورؤوس الكتاب، فأصلحوا بين الناس وهدأت الفتنة، واستقام أمر الشام، وحملوا جماعات من رؤساء الفتنة إلى مدينة السلام، فرد أمرهم الرشيد إلى عامله خالد فعفا عنهم وأطلقهم ففي ذلك يقول بعض الشعراء:
قد هاجت الشام هيجاً ... يشيب رأس وليده
وصبّ موسى عليها ... بخيله وجنوده
فدانت الشام لما ... أتى نسيج وحيده
دامت هذه الفتنة نحو سنتين، وسببها فيما قيل أن رجلا من بني القين قطع بطيخة من حائط بالبلقاء لرجل من لخم أو جذام. وفي رواية أن الفتنة لما هاجت بالشام بين النزارية واليمانية، وولى الرشيد سنة 176 موسى بن يحيى الشام جميعه، أقام به سنتين حتى أصلح بينهم. قال ابن الأثير: إن سبب هذه الفتنة بين المضرية واليمانية، ورأس المضرية أبو الهيذام عامر بن عمارة أحد فرسان العرب المشورين، أن عاملا للرشيد بسجستان قتل أخاً لأبي الهيذام فخرج أبو الهيذام بالشام وجمع جمعا عظيما. وهذا السبب أرجح إذ لا يعقل أن تنشب الفتنة بين قبيلين من أجل بطيخة قطعت من بستان. أما أبو الهيذام فاستولى على دمشق، وقاتل في قومه فهزم أكثر الجيوش التي قابلته، وكان معه فريق كبير من أعراب الشام.
وفي سنة 180 تفاقم أمر هذه الفتن، فعقد الرشيد، أيام عصيبة أبي الهيذام، لجعفر بن يحيى البرمكي على الشام، فأتاهم وأصلح بينهم وقتل المتلصصة منهم، ولم يدع بها محاربا ولا فارسا، فعادوا إلى الأمن والطمأنينة وقال بعض الشعراء في ذلك: