في قالب ينفر الناس منها، ويصور ظلم الحكام وأصحاب النفوذ وأغلاطهم في صور نقد لطيف، وكان يحترمه علية القوم ويعد أستاذاً كبيراً في الموسيقى تخرج به كل من ينتمي لهذا الفن بدمشق.
ومن العادات الشائعة تعاطي القهوة والشاي في المقاهي العامة شتاء، وأنواع المرطبات صيفاً، والتدخين بالتبغ والنارجيلة على الدوام، وتكون صورة اجتماعية حسب طبقاتهم، ويرتادون أماكن سمرهم هذا، بعد العشاء حين الانتهاء من مزاولة الأشغال وطلب الراحة. وأحاديثهم غالباً تدور على السياسة وفي موضوعات علمية واجتماعية يمتدحون فلاناً لمكرمة أتاها، ويذمون فلاناً لنقيصة بدرت منه. ارتقت أحاديثهم في هذا القرن إلى الخوض في هذه الشؤون العامة، ولم تكن في القرن الماضي تتعدى أحاديث البطون والفروج إلا قليلاً. ومنهم من يقضي سمره ببعض الألعاب الشائعة كالشطرنج والبليار والدومنية والدانا والنرد وألعاب الورق على اختلاف أشكالها وأسمائها.
وقد فشت مؤخراً عادة ارتياد بعض الشباب أماكن الشراب، وموقعها غالباً بين
الرياض والغياض، وعلى ضفاف الأنهار، وتكون أغلب تلك الاجتماعات متجانسة، فتراهم جماعات متشاكلين حوا مناضد الشراب، يجتمع كل أليف إلى أليفه، وتجد جالساً إلى كل منضدة غالباً رجل من أرباب الصوت الحسن ينشد أصحابه الأناشيد الحسان. ومنهم من يختلف إلى زمرة من الموسيقيين الفنانين، يصحبون آلاتهم كالعود والكمنجة والقانون والدائرة والناي. ومنهم من يقتصر على بعض تلك الآلات. وتجري غالب الاجتماعات في أماكن خاصة. وأما المحال العامة للشراب فنحوي من كل شيء أحسنه كالمنشدين والمغنين والآلاتية، وتسمى تلك الأماكن الجنائن، تضم غالباً الماء والخضرة والشكل الحسن، وتبتدئ وقت الغروب وتنتهي عند منتصف الليل.
وهذا مجمل عادات دمشق ولا تختلف عنها عادات سكان القطر في الشمال والجنوب والغرب اختلافاً يذكر ما خلا بعض عادات دينية عند الطوائف غير المسلمة، وفيما عدا ذلك فهم متشابهون في أخلاقهم الاجتماعية، ويمتاز سكان هذا الديار من غيرهم في المحافظة على ما ورثوه من بعض أخلاق