والكفارة فدية والقصاص، وفي
تعيينها مذاهب كثيرة إلا أنه تقرر فيها المذاهب الأربعة، وأصحابها أبو حنيفة النعمان بن ثابت، ومحمد بن إدريس الشافعي، ومالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، فما اتفق عليه هؤلاء الأئمة الأربعة هو حق وصواب، وما اختلفوا فيه يحتمل الخطأ والصواب، لأن كل مجتهد يخطأ ويصيب، والحق واحد لا يتعدد، وكل مؤمن مأمور باتباع مذهب منها إذا لم يكن بلغ مرتبة الاجتهاد، ويلزمه الاعتقاد بصواب متبوعة، إذ لا يجوز له تقليده إن اعتقد خطأه.
القسم الثالث الأحكام الشرعية المتعلقة بأحوال القلوب، والمتكفل بذلك علم الأخلاق والتصور. والقصد هنا بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في القسم الأول. وينبغي أن نبين أولاً من أهم أهل السنة والجماعة ثم نذكر عقائدهم إذ ربما يضن بعض الناس أن كل من يطلق عليه اسم المسلم هو من أهل السنة والجماعة وليس الأمر كذلك، فإن أهل البدع والأهواء مخالفون لأهل السنة والجماعة، والحال أن فيهم من يعد من أهل ملة الإسلام، لذلك رأيت من اللازم أولاً بيان من هم أهل السنة والجماعة، ثم بيان عقائدهم التي اتفقوا عليها، ولم أتعرض للمخالفين لهم ولا بذكر حجج الطرفين، وسرد المسائل التي وقع فيها اختلاف بين الأشعرية والماتريدية لما أن ذلك خارج عن موضوع الخطط وإنما من خصائص كتب الكلام، فاقتصرت على أهم المسائل الاعتقادية التي يكلف كل مؤمن باعتقادها.
وقد ألف كتباً لبيان الفرق الإسلامية ومقالاتها كالشهرستاني وابن حزم وعبد القاهر البغدادي وغيرهم. إذا أطلق أهل السنة والجماعة يراد بها الأشعرية والماتريدية، أما الأشعرية فهم أصحاب الإمام أبى الحسن علي بن الإسماعيلي من ذرية أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري الصحابي الجليل. أخذ علم الكلام أولاً عن شيخه محمد بن عبد الوهاب الجبائي شيخ المعتزلة وتبعه في الاعتزال حتى صار للمعتزلة إماماً ثم رجع عن مذهبه وصنف كتباً في الرد عليهم، وأجمع على
عقيدة الأشعري المالكية والشافعية وبعض الحنفية وفضلاء الحبابلة، ولم يكن أبو الحسن أول متكلم بلسان أهل السنة، إنما جرى على سنن غيره أو على نصرة مذهب معروف فزاد المذهب