كتلاً متفرقة تجدها في نفس الوقت تنجذب وتتقارب وتتفهم وتسعى لتوحيد هذه الكتل أو ربط بعضها ببعض على الأقل، وعلى الرغم مما نجده من التباعد بحركة الدفع والتمركز نجد الناس يقرب بعضهم من بعض بحركة الجذب، والعامل الأقوى في
حركة الجذب سرعة المواصلة وانتشار العلم، فسرعة المواصلة قربت الناس بعضهم من بعض فأخذوا يتفاهمون والعلم جعلهم يحكمون العقل أكثر من العوطف فرأوا أن كثيراً من الفوارق إما وهمية أو عرضية أو مبالغ فيها. وما يجري في الدائرة البشرية الاجتماعية يجري في الدائرة الدينية. فعلى الرغم من بعد مسافة الفوارق الدينية والمذهبية نجد أهل هذه الأديان والمذاهب أكثر تسامحاً وأسرع سعياً نحو الاتفاق، حتى في الأديان التي نراها على أعظم مسافة من البعد، فلا تكاد تمر سنة حتى يعقد مؤتمر الأديان يجتمع فيه نواب معظم الأديان الإلهية كالمسيحية والإسلام واليهودية وغير الإلهية كالبوذية وغيرها. وقد عقد أول مؤتمر رسمي في 16 أيلول سنة 1924 في سوق الغرب اجتمع فيه نواب الجهتين للسعي في زيادة الاتحاد وتوحيد النظام.
لا يخفى أن الأحكام الشرعية التي علمت من الكتاب والسنة ثلاثة أقسام: الأول الأحكام الاعتقادية وأصولها المجملة ستة الإيمان بالله وبالملائكة وبالكتب وبالرسل وباليوم الآخر وبالقدر. ويقال لجميع هذه الأحكام دين الإسلام وهي ما جاء به جميع الأنبياء. وهذه وإن كانت في تعيينها مذاهب عديدة إلا أن ما عدا مذهب السنة باطل.
القسم الثاني الأحكام العملية وهي عشرة: الفرض، الواجب، السنة، الاستحباب، الإباحة، الحرمة، الكراهة التحريمية، الكراهة التنزيهية، الصحة، الفساد. ولا يخلو فعل العاقل البالغ عن حكم منها، فالشرائع المتعلقة بأفعال المكلفين ثلاثة أنواع إجمالية: الأول العبادات وهي عبارة عن الصلاة والصوم والزكاة والحج وسائر الفرائض والواجبات. الثاني المعاملات كالنكاح والطلاق والهبة والوصية والبيع والشراء والكفالة والوكالة. الثالث العقوبات كالدية