حجة وبياناً، وليس له في مذهب السلف أكثر من بسطه وشرحه وتأليفه في نصرته. ولد سنة ستسن ومائتين وتوفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
وأما الماتريدية فهم أصحاب الإمام أبي منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي نسبة إلى قرية بسمرقند، الحنفي المتكلم ناصر السنة وقامع البدعة وحيي الشريعة، كان إماماً جليلاً مناضلاً عن الدين موطداً لعقائد أهل السنة قطع المعتزلة وذوي البدع في مناظرتهم، وله مصنفات منها كتاب التوحيد وكتاب بيان وهم المعتزلة وكتاب تأويلات القرآن وهو كتاب لا يوازيه فيه كتاب.
وليس هو من أتباع الأشعري لكونه أول من أظهر مذهب أهل السنة كما ظن. لأن الماتريدي مفصل لمذهب الإمام أبي حنيفة وأصاحبه المظهرين قبل الأشعري مذهب أهل السنة. وكانت وفاته بسمرقند سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
والحاصل أن كلاً من هذين الإمامين الجليلين أبي الحسن وأبي منصور لم يبدعان من عندهما رأياً ولم يشتقا مذهباً إنما هما مقرران لمذاهب السلف مناضلان عما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. أحدهما قام بنصرة مذهب الشافعي وما دل عليه، والثاني قام بنصرة مذهب أبي حنيفة وما دل عليه. وناظر كل منهما ذوي البدع والضلالات حتى انقطعوا.
ومما ينبغي أن يعلم أنه ليس بين هاتين الطائفتين اختلاف في أصول الدين، وإنما اختلفوا في بعض مسائل متفرعة عن الأصول لا تستلزم تضليلاً ولا تفسيقاً.
ثم أن عقائد أهل السنة والجماعة تنحصر في أربعة أركان هي مبنى الإيمان: إلهيات والصفات والأفعال والسمعيات.
الركن الأول فيما يجب لله تعالى وما يجوز وما يستحيل العالم بجميع أجزاءه حادث وجد بعد أن لم يكن، وهو قابل للفناء وله صانع واجب الوجود لذاته ممتنع العدم بالنظر لذاته، واحد لا شريك ولا مثيل له في ذاته وصفاته وأفعاله، قديم لا بداية له، أبدي لا نهاية له، متصف بصفات الكمال، منزه عن سمات النقص، ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، ولا تحله الجواهر