وبقنسرين والعواصم زفر بن الحارث الكلابي، وثب على سعيد بن بدل الكلبي وأخرجه منها، ولم تبق ناحية إلا مالت إلى ابن الزبير خلا الأردن ورئيسها يومئذ حسان بن بحدل الكلبي بمعنى أن الناس افترقوا ثلاثا: فرقة بحدلية وهو اسم لبني حرب، وفرقة زبيرية، وفرقة لا يبالون لمن كان الأمر.
وقدم مروان بن الحكم، وأمر الشام مضطرب ومعظم أجنادها مبايعة لابن الزبير، فدعا مروان إلى نفسه وهو من أعظم رجال أمية عقلا ودهاء وسياسة وحنكة. واجتمع الناس بالجابية من أرض حوران فتناظروا في ابن الزبير وفيما تقدم من بني أمية عندهم، وتناظروا في خالد بن يزيد بن معاوية، وفي عمرو بن سعيد بن العاص بعده، فكان روح ابن زنباع الجذامي يميل مع مروان فقام خطيبا فقال: يا أهل الشام هذا مروان بن الحكم شيخ قريش، والمطالب بدم عثمان، والمقاتل لعلي بن أبي طالب يوم الجمل ويوم صفين، فبايعوا الكبير واستنيبوا للصغير. فلما عقدوا البيعة جمعوا من كان في ناحيتهم، ثم تناظروا في أي بلد يقصدون فقال: نقصد دمشق فإنها دار الملك ومنزل الخلفاء، وقد تغلب بها الضحاك بن قيس فلقوا الضحاك بمرج راهط، وكان مع الضحاك من أهل دمشق وفتيتهم جماعة، وقد أمده النعمان بن بشير عامل حمص بشرحبيل بن ذي الكلاع في أهل حمص، وأمده زفر بن الحارث الكلابي بقيس بن طريف بجيش من شمالي الشام، فكان في ثلاثين ألفا، ومروان في ثلاثة عشر ألفا أكثرهم رجالة، والتقوا بمرج راهط فاقتتلوا قتالا شديدا ودام القتال عشرين يوما فقتل الضحاك بن قيس وخلق من
أصحابه، وهرب من بقي من جيشه. وبلغ الخبر النعمان بن بشير وهو بحمص فخرج هاربا، فتبعه قوم من حمير وباهلة، وقيل من أهل حمص فقتلوه في البرية، وكان من أخطب أهل الدنيا، وهرب زفر بن الحارث الكلابي والخيل تتبعه حتى أتى قرقيسيا على الخابور.
وأقام مروان بن الحكم بالشام في أيام ابن الزبير واجتمعت إليه بنو أمية بعد وقعة مرج راهط التي انقسمت بها الشام فرقتين قيسية ويمانية،