فصل
صح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس, ولكن يقبض العلم, حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤرسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)).
ما أعظم حظ من بذل نفسه وجهدها في تحصيل العلم حفظا على الناس ما بقى بأيديهم منه, فإن هذه الأزمة قد غلب على أهلها الكسل والملل وحب الدنيا, فالمشتغل منهم عليها يحوم, ولها يعقد ويقوم, فإذا حصلت فترت همته واشتغل بها, وطلب الزيادة منها.
ومنهم من تفتر همته لعدم حصولها [له] ولا سيما إذا حصلت لغيره ممن يراه دون درجته, هذا / مع أن اشتغال المشتغل منهم ضعيف, قد قنع الحريص منهم من علوم القرآن بحفظ سواده, ونقل بعض قراءآته, وأغفل علم تفسيره ومعانيه, واستنباط أحكام الشريعة من مبانيه. واقتصر من علم الحديث على سماع بعض الكتب على شيوخ أكثرهم أجهل منه بعلم الرواية, فضلا عن الدراية, وأغفل إتقان معرفة الأسانيد والمتون من التقييد اللفظي, والبحث الصحيح المعنوي.