ومما يتعجب منه أيضا من هؤلاء أنهم يرون مصنفات الشيخ أبي إسحاق وغيره مشحونة بتخطئة المزني وغيره من الأكابر فيما خالفوا فيه مذهبهم, فلا تراهم ينكرون شيئا من هذا, فإن اتفق أنهم يسمعون أحدا يقول: "أخطأ الشيخ أبو إسحاق في كذا بدليل كذا وكذا" انزعجوا وغضبوا وأنكروا ورأوا أنه قد ارتكب كبيرا من الإثم, فإن كان الأمر كما ذكروا فالذي ارتكبه أبو إسحاق أعظم, فما لهم لا ينكرون ذلك ولا يغضبون منه, لولا قلة معرفتهم وكثرة جهلهم بمراتب السلف رضي الله عنهم.
وما أحسن أبيات منذر بن سعيد البلوطي أحد شيوخ المغرب في العلم والدين قال رحمه الله تعالى:
/ عذيري من قوم يقولون كلما. . . طلبت دليلا هكذا قال مالك
وقد قاله ابن القاسم الثقة الذي. . . على قصد منهاج القضاء هو سالك
فإن عدت قالوا هكذا قال أشهب. . . وقد كان لا تخفى عليه المسالك
فإن زدت قالوا قال سحنون مثله. . . ومن لم يقل ما قاله فهو آفك
فإن قلت قال الله ضجوا وأكثروا. . . وقالوا جميعا أنت قرن مماحك
وإن قلت قد قال الرسول فقولهم. . . أتت مالكا في ترك ذاك المآلك