2- للشك في الخاتمة، فلا يدري الإنسان، أيختم له عند الموت بالإيمان، أم يسلب عنه في ذلك الأوان، وقد تقدم بيان شدة خوف سلفنا الكرام من سوء الختام، ولذلك ينبغي على الإنسان الاستثناء في الإيمان، وتعليل الاستثناء بخوف سوء الخاتمة مع صحته، وبه علل كثير من المتأخرين، فليس ذلك التعليل مراداً من قول ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه – ومما شاكله من أقوال السلف الكرام، ومن فهم ذلك من كلامهم فهو غالط عليهم، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية – عليه رحمة رب البرية –: إن الإمام أحمد وغيره من السلف – عليهم رحمة الله تعالى – لم يكن هذا مقصودهم – أي: تعليل الاستثناء بخوف سوء الخاتمة – وإنما مقصودهم أن الإيمان المطلق يتضمن فعل المأمورات، فقوله: أنا مؤمن، كقوله: أنا ولي الله – جل وعلا –، وأنا مؤمن تقي، وأنا من الأبرار، ونحو ذلك، وابن مسعود – رضي الله تعالى عنه – لم يكن يخفى عليه أن الجنة لا تكون إلا لمن مات مؤمناً وأن الإنسان لا يعلم على ماذا يموت، فإن ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه – أجل قدراً من هذا، وإنما أراد: سلوه هل هو في الجنة إن مات على هذه الحال؟ كأنه قال: سلوه أيكون من أهل الجنة على هذه الحال؟ فلما قال: الله أعلم، قال: أفلا وكلت الأولى كما وكلت الثانية، يقول: هذا التوقف يدل على أنك لا تشهد لنفسك بفعل الواجبات، وترك المحرمات، فإنه من شهد لنفسه بذلك شهد لنفسه أنه من أهل الجنة إن مات على ذلك (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015