". فمن قام بجميع شعب الإيمان فقد صدق في دعواه الإيمان، واستحق دخول الجنان، ونيل رضوان الرحمن، ومن لا فأمره موكول لمشيئة ذي الجلال والإكرام، ولا ينبغي له أن يجزم بدعوى الإيمان، بل يقول: أنا مؤمن إن شاء ربنا الرحمن، وهذا هو المنقول عن السلف الكرام، روى أبو عبيد في كتاب الإيمان عن الحسن البصري – رحمهما الله تعالى – قال: قال رجل عند عبد ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه – أنا مؤمن، فقال ابن مسعود: فأنت من أهل الجنة؟ قال: أرجو: فقال ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه –: أفلا وكلت الأولى كما وكلت الأخرى؟ وروى عبد الرزاق في مصنفه عن شقيق – رحمهما الله تعالى – قال: كنا مع ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه – في سفر، فلقي ركباً، فقلنا: من القوم؟ قالوا: نحن المؤمنون، فقال ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه –: فهلا قالوا نحن من أهل الجنة؟ قال الشيخ ابن تيمية نقلاً عن الشيخ أبي إسماعيل الأنصاري – عليهما رحمة الله تعالى –: فذهب سلف أصحاب الحديث كابن مسعود وأصحابه – رضي الله تعالى عنهم – وابن عيينة، وأكثر علماء الكوفة، ويحيى بن سعيد القطان، فيما يرويه عن علماء أهل البصرة، وأحمد بن حنبل، وغيره من أئمة السنة – رحمهم الله جميعاً – الاستثناء في الإيمان، وهذا متواتر عنهم وصرحوا بأن الاستثناء إنما هو لأن الإيمان يتضمن فعل الواجبات، فلا يشهدون لأنفسهم بذلك، كما لا يشهدون لها بالبر والتقوى، فإن ذلك مما لا يعلمونه (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015