وأما النفاق الثاني فمحله الأعمال (?) ، كأن يطلب العلم لغير وجه ربنا ذي الجلال، كما هو حال المرائين، أو يطلب العلم بالله من غير خبره، أو العمل لله من غير أمره، كما ابتلي بالأول كثير من المتكلمين، وبالثاني كثر من المتصوفين، فكل من الفريقين يعتقد وجوب تصديق الرسول – صلى الله عليه وسلم – فيما قال وأخير، وطاعته بما طلب وأمر لكنهم في سلوكهم العلمي والعملي غير سالكين هذا المسلك، بل يسلكون مسلكاً آخر، إما من جهة القياس والنظر، وإما من جهة الذوق والوجد، وإما من جهة التقليد، وما جاء عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – وإما أن يعرضوا عنه، وإما أن يردوه إلى ما سلكوه، فانظر نفاق هذين الصنفين مع اعترافهم باطناً وظاهراً بأن محمداً – صلى الله عليه وسلم – أكمل الخلق وأفضلهم، وهو رسول الله إليهم وأعلمهم، ويدخل في هذا النوع الإعراض عن الجهاد، والكذب في الحديث، والخلف في الوعد، والتلبس بالخيانة، والفجور عند المخاصمة، فكل هذا من خصال أهل النفاق ويقال له: النفاق الأصغر عند أهل السنة باتفاق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015