ومشقة بعد مشقة وهذا مما قيل فى تفسير الآية.
وقيل وهو معنى ثان معتبر أيضا ومذكور فى كتب التفسير ومنقول عن أئمتنا لقد خلقنا الإنسان فى كبد قيل المراد من ذلك لقد خلقناه منتصبا يمشى على رجلين قامته معتدلة خلق على هذه الصورة فى بطن أمه رجلاه إلى أسفل ورأسه إلى أعلى بخلاف سائر الحيوانات وإذا قدر الله خروجه انقلب إذن الله وقت الخروج فخرج الرأس قبل الرجلين وهو فى هذه الحياة صورته أكمل الصور يمشى على رجلين ورأسه مرتفع بخلاف البهائم التى صورتها فى صورة ناقصة كبد أى منتصب القامة وقيل المراد خصوص آدم على نبيناو عليه صلوات الله وسلامه خلقه الله فى كبد السماء أى فى وسطها والذى يظهر القول للعموم ولا مانع أيضا من أن يقال إن الله خلق آدم فى وسط السماء منتصبا وخلق ذريته فى بطون أمهاتهم منتصبين وأخرجهم إلى هذه الحياة بصورة منتصبة يمشون على أرجلهم وقاماتهم مرتفعة ثم بعد ذلك يكابدون الشدائد والمشقات والأهوال فى جميع الأحوال والأطوار لقد خلقنا الإنسان فى كبد الإمام القرطبى عليه رحمة الله فى تفسيره عند هذه الآية فى الجزء العشرين صفحة اثنتين وستين نقل عن أئمتنا الكرام شيئا من مكابدات الإنسان فى هذه الحياة حقيقة يحسن بنا أن نذكره لنعلم الشدائد التى يكابدها الإنسان فى هذه الحياة يقول الإمام القرطبى عليه رحمة الله قال علماؤنا أول ما يكابد قطع سرته يتألم عندما يقطع السر ثم إذا قمط قماطا وشد رباطا يعنى شد عليه يكابد الضيق والتعب يوضع فى القماط وهو يعنى الذى يربط به الولد بعد ولادته من أجل ألا تتحرك أعضائه يبقع كل ما قمط ولم تترك يداه يعنى متروكتان كان هذا أضبط لصحته فى أول حياته يقمط بالقماط يشد الرباط ثم يكابد الارتضاع ولو فاته لضاع ثم يكابد نبت أسنانه يتغير مزاجه يبكى ويصيح ويصبح معه حرارة زائدة عند خروج الأسنان ثم يكابد نبت أسنانه وتحرك لسانه ثم يكابد الفطام الذى هو أشد من اللطام يعنى لو لطمته أسهل