وشرح الحافظ ابن حجر – عليه رحمة الله تعالى – تلك النقول في صفحتين كبيرتين، وخلاصتهما قوله: وقال إبراهيم التيمي وهو من فقهاء التابعين وعبادهم، وقوله: مكذوباً يروى بفتح الذال، يعني: خشيت أن يكذبني من رأى عملي مخالفاً لقولي، فيقول: لو كنت صادقاً ما فعلت خلاف ما تقول وإنما قال ذلك لأنه كان يعظ الناس، ويروى بكسر الذال، وهي رواية الأكثر، ومعناه: أنه مع وعظه الناس لم يبلغ غاية العمل، وقد ذم الله – عز وجل – من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وقصر في العمل فقال – جل وعلا –: {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} الصف3، فخشي أن يكون مكذباً، أي: مشابهاً للمكذبين، وهذا التعليق وصله المصنف في تاريخه عن أبي نعيم، وأحمد بن حنبل في الزهد عن ابن مهدي كلهما عن سفيان الثوري عن أبي حبان التيمي عن إبراهيم المذكور.

قوله: قال ابن أبي مليكه، هذا التعليق وصله ابن أبي خيثمة في تاريخه، لكن أبهم العدد وكذا أخرجه محمد بن نصر المروزي مطولاً في كتاب الإيمان له، وعينه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه من وجه آخر مختصراً كما هنا، وقد أدرك ابن أبي مليكة جماعة من أجلة الصحابة الكرام، وروى عنهم منهم أمنا عائشة، وأختها أسماء، وأمنا أم سلمة، والعباد له الأربعة: ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، وابن عمرو، وأبو هريرة وغيرهم – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – وقد جزم بأنهم كانوا يخافون النفاق في الأعمال، ولم ينقل عنهم خلاف ذلك، فكأنه إجماع، وذلك لأن المؤمن قد يعرض عليه في عمله فيشوبه مما يخالف الإخلاص، ولا يلزم من خوفهم من ذلك وقوعه منهم، بل ذلك على سبيل المبالغة منهم في الروع والتقوى، وقال ابن بطال: إنما خافوا لأنهم طالت أعمارهم حتى رأوا من التغير ما لم يعهدوه ولم يقدروا على إنكاره، فخافوا أن يكونوا داهنوا بالسكوت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015