رواية بكربن عبد الله المدنى، مرسلة، أن هرقل كتب إلى النبى عليه الصلاة والسلام يقول له: إنى مسلم، فقال النبى عليه الصلاة والسلام: كذب عدو الله لا زال على نصرانيته.
وهذا الذى حصل من هرقل وجواب النبى عليه الصلاة والسلام يدل على أن هرقل مات على نصرانيته وأنه كذاب فى دعوى الإسلام كما أخبر عن ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام.
وهذا الحديث الطويل الذى أوره الإمام البخارى فى أخر كتاب الوحى، إفتتح الإمام البخارى كتاب الوحى بحديث عمر رضي الله عنه وهو فى الكتب الستة [إنما الأعمال بالنيات] .، وختمه بهذا الحديث الطويل عن ابن عباس رضي الله عنهما كما تقدم معنا أن أبا سفيان بن حرب أخبره عن هذا الحديث الطويل، وختم الإمام البخارى كتاب الوحى بهذا الحديث الطويل كأن الإمام البخارى يشير بهذا إلى أن أمر هرقل أمر مستبهم لن يجرى منه إيمان ويثبت عليه، والله أعلم بحقيقة أمره، كأنه يشير بختم كتاب الوحى بهذا الحديث مع بدءه بحديث إنما الأعمال بالنيات، كأنه يشير إلى أن هرقل إذا كان فى قرارة نفسه وفى قلبه إذا كان موحدا مؤمنا بالله ورسوله النبي صلى الله عليه وسلم لكن منعه من الإظهار خشية القتل، خشية القتل منعه من إظهار الإيمان، فبقى فى الظاهر على دين قومه لكنه أقر وأذعن لله جل وعلا ولرسوله عليه الصلاة والسلام وشهد له بالرسالة، فإن كان كذلك فيبقى الحديث إنما الأعمال بالنيات، والله هو الذى سيحكم فى هذا يوم تبلى السرائر، كأن الإام البخارى كما قال الحافظ ابن حجر، يشير إلى هذه المسألة أمر هرقل يعنى غير واضح مغلق مستبهم غير ظاهر، فإذاً إذا كانت نيته صادقة فى قوله: إنى مسلم إذا كانت، لن يضيع ما صدر منه عند الله، لكن جواب النبى عليه الصلاة والسلام الذى ذكرته فيما يظهر والعلم عند الله يزيل هذا الإشكال وأن أمره ليس يعنى بخفى إنما هو واضح مُصِرّ على نصرانيته، آثر الدنيا على الآخرة.