ثبت فى مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجة والحديث إسناده صحيح من رواية وائل بن حُجُر رضي الله عنه وأرضاه قال: أوتنى النبى عليه الصلاة والسلام بدلو من ماء فأخذه وشرب منه ثم مج فيه مجة ثم حمله وطرحه وصبه فى بئر ففاحت من البئر ريح المسك وفى رواية شرب من الدلو وأخذ مجة مجها فى البئر مباشرة دون أن يمجها فى الدلو ويصب ما فى الدلو فى البئر مرة ثانية، ففاحت منها ريح المسك.
هذا الأمر الذى يحصل لهذا البدن الكريم الطاهر من حسن وبهاء وكمال ينبغى أن يكون له دلالة، هذا لو كان كذاباً لفاحت من تلك المجة رائحة النتن، كما سيأتينا فى علامات المتنبىء الكذاب عند خوارق العادات، وكيف يهتك الله ستره ويظهر أمره ويفضحه فى الدنيا مع ما له من الفضيحة على رؤوس الأشهاد، وتقدم معنا كيف كان يجمع عرق النبى عليه الصلاة والسلام ويوضع فى الطيب ليطيب، وهنا بئر يصب فيه مجة النبى عليه الصلاة والسلام فتفوح من هذا البئر رائحة المسك على نبينا صلوات الله وسلامه، وكنت ذكرت غالب ظنى فى الموعظة الماضية أن نبينا عليه الصلاة والسلام قرأ فى فم أحد القرآء السبعة وهو نافع الذى توفى سنة 169 للهجرة فكان لا يقرأ فى مجلس من المجالس إلا عبقت فيه رائحة المسك، فقيل له هل تطيب فمك؟ قال: لا رأيت النبى عليه الصلاة والسلام فى النوم فقرأ القرآن فى فىّ فما تشمون من الرائحة الشذية الطيبة هذا بسبب قرأة النبى عليه الصلاة والسلام فى فىّ فى فمى، ولذلك يقول الإمام الشاطبى عليه رحمة الله فى حرز الأمان فى المنظومة التى عملها فى القراءات السبع، يقول:
فأما الكريم السر فى الطيب نافع ... فذاك الذى اختار المدينة منزلا
فأما الكريم السر فى الطيب نافع، كريم السر كريم الباطن أكرمه الله بهذا الأمر، فذاك الذى اختار المدينة منزلا.